دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى وضع حد للاحتجاز التعسفي للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية. وحذرت المنظمة من تدهر الأوضاع في هذه المراكز المكتظة أصلا، والتي تزداد سوءا بعد الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين الذين يتم اعتراضهم في البحر المتوسط وإعادتهم إلى ليبيا من قبل حرس السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي.
"منذ أكثر من عام أعمل في الميدان لكنني لم أشهد أبدا مراكز الاحتجاز في الخُمس ومصراتة مكتظة بهذا الشكل. الوضع مريع!"، هذه الكلمات وردت في بيان نشرته منظمة أطباء بلاد حدود الأربعاء في 25 حزيران/ يونيو، نقلا عن أحد أطبائها العاملين في مراكز الاحتجاز الليبية.
وبحسب الأرقام الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن خفر السواحل الليبي اعترض منذ مطلع العام نحو 12 ألف مهاجر في البحر المتوسط وأعادهم إلى الأراضي الليبية. وبالتزامن، نشرت "منظمة اللاجئين الدولية" تقريرا الأسبوع الماضي يفيد أن عدد الأشخاص المحتجزين في المراكز الليبية ارتفع خلال الأشهر الثلاثة الماضية من 5000 مهاجر إلى 9300 مهاجر.
للمزيد: في ليبيا.. أحلام المهاجرين بالوصول لأوروبا تتحول إلى كوابيس
وأفادت المنظمة الإنسانية أن طواقمها الميدانية لاحظت "زيادة حادة في أعداد اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في مراكز الهجرة غير الشرعية والمزدحمة بالأصل"، معتبرة أن ذلك يعود إلى تكثيف عمليات اعتراض القوارب في عرض البحر. وأكدت المنظمة أن جميع المهاجرين الذين يتم اعتراضهم، حتى "أطفال دون ذويهم أو أشخاص يعانون من أمراض خطيرة"، يتم نقلهم بشكل تلقائي إلى مراكز الاحتجاز المتواجدة على طول الشريط الساحلي الليبي.
طواقم المنظمة قالت إنها قدمت في يوم واحد "مساعدة طبية لـ 319 شخص تم اعتراضهم في البحر وإحضارهم إلى مركز الهجرة غير الشرعية في طرابلس".
الأوضاع تتدهور في مراكز الاحتجاز
حذرت "منظمة أطباء بلا حدود "من الظروف المعيشية السيئة التي يعاني منها المهاجرون المحتجزون في مراكز الاحتجاز"، وأفادت بوجود "تدهور واضح في أوضاعهم" بسبب الاكتظاظ. مدير الشؤون الطبية نقل مشاهداته في مركز الخُمس الذي يضم "أكثر من 300 شخص من بينهم أطفال صغار جدا"، وقال إن "الحرارة خانقة ولا يوجد تهوية وهناك إمكانية وصول محدودة إلى مياه شرب نظيفة – فالمياه مالحة وممزوجة بمياه الصرف الصحي". وأضاف أن الوضع مشحون للغاية، فـ "الناس يتعرضون لانتهاكات من كافة الأنواع. الناس هنا يائسون، ونحن نرى محتجزين يعانون من جروح وكسور. وهناك محاولات للهرب، وبعض الناس يضربون عن الطعام".
ماهي الحالات المرضية التي تعالجها منظمة أطباء بلا حدود؟
تقول المنظمة إن طاقمها الطبي يجري عمليات جراحية للمهاجرين الذين يعانون من تردي الشروط الصحية داخل مراكز الاحتجاز في ليبيا. وأوضحت أن الأمراض التي تم رصدها تشمل "التهابات الجهاز التنفسي والإسهال المائي الحاد والجرب والتهابات المسالك البولية. كما تراود العديد من المرضى أفكار انتحارية وتظهر عليهم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة".
الاتحاد الأوروبي يريد وقف الهجرة "بأي ثمن"
وألقت "أطباء بلا حدود" اللوم على سياسات الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن أزمة مراكز الاحتجاز جاءت "نتيجة محاولات من قبل الحكومات الأوروبية لمنع اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء من الوصول إلى أوروبا بأي ثمن"، وأشارت إلى أن استراتيجية الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد تتركز على "تجهيز وتدريب ودعم خفر السواحل الليبي لاعتراض الناس في البحر وإعادتهم إلى ليبيا".
للمزيد: موغيريني تؤكد من طرابلس على أهمية التعاون الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي وليبيا
فقد وقع الاتحاد الأوروبي عدة اتفاقيات مع حكومة الوفاق الوطني الليبي، ويستمر بتقديم مساعدات مادية ومالية إلى ليبيا لمنع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا. وقد اعتبرت المفوضية السامية للاجئين في نيسان/ أبريل الماضي، أن هذه الإجراءات قلصت بالفعل عدد الواصلين إلى إيطاليا، لكنها زادت من هشاشة أوضاع المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا، فقد ازدادت أعمال التعذيب وارتفعت المبالغ التي يطلبها المهربون من المهاجرين.
للمزيد: حين تصبح ليبيا منقذة الاتحاد الأوروبي وقت الشدائد!
عمليات عودة طوعية غير ناجعة
ورحب التقرير بعمليات "العودة الطوعية" التي تشرف عليها المفوضية السامية للاجئين بهدف إخراج المهاجرين من مراكز الاحتجاز في ليبيا وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، وتحدث عن حوالي 15 ألف شخص تمت إعادتهم إلى أوطانهم منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. لكنه نبهت إلى أن تلك العمليات ليست "طوعية" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأن "الناس ليس لديهم بديل رسمي آخر للخروج من مراكز الاعتقال" سوى العودة إلى بلدانهم التي قد لا تكون آمنة أصلا.