مع تأجج الخلاف الأوروبي بشأن سفن إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط، تتوجه سفينة "أكواريوس" إلى ميناء مرسيليا لتوضيح وضعها الإداري، بعدما أعلنت حكومة جبل طارق نيتها إزالة علمها عن السفينة. ووصفت منظمة "إس.أو.إس المتوسط" التي تتبع لها السفينة هذا القرار بأنه "مناورة سياسية" تهدف إلى وقف عمليات الإنقاذ. وبذلك تكون منطقة البحث في المتوسط قبالة السواحل الليبية حاليا خالية تماما من السفن الإغاثية.
سمحت أخيرا سلطات مالطا لسفينة "أكواريوس" بإنزال المهاجرين الذين أنقذتهم قبالة السواحل الليبية الأسبوع الماضي، إلا أن الأزمة التي تواجهها السفينة لم تنته، بل ازدادت الأمور تعقيدا مع إعلان حكومة جبل طارق عزمها إزالة علمها عن السفينة اعتبارا من 20 آب/أغسطس.
وأبحرت السفينة الخميس 16 آب/أغسطس إلى ميناء مرسيليا جنوب شرق فرنسا "لتوضح سريعا وضعها السياسي والإداري".
وقالت حكومة جبل طارق في بيان إن السفينة لن يمكنها رفع علم جبل طارق اعتبارا من 20 آب/أغسطس ويجب أن تعود إلى رفع "علم مالكتها الأصلية"، وهي ألمانيا.
وبحسب القوانين البحرية، ترفع السفينة علم الدولة التي سجلت فيها وتخضع لقوانينها. ووفقا للمادة 92 من اتفاقية قانون البحار، "لا يجوز للسفينة أن تغير علمها أثناء رحلة ما، أو أثناء وجودها في ميناء الزيارة إلا في حالة نقل حقيقي في الملكية أو في التسجيل".
وأشارت منظمة "إس.أو.إس المتوسط" التي تتبع لها السفينة، أنه "علينا الآن العودة إلى مرسيليا لتوضيح الوضع السياسي والإداري المرتبط بعلم جبل طارق سريعا".
وأدانت المنظمة الفرنسية في بيان "المناورة السياسية" من قبل حكومة جبل طارق، معتبرة أن "القرار يظهر فقط الرغبة المتعمدة في وقف أكواريوس عن نشاطات الإنقاذ، وهي إحدى أواخر سفن الإنقاذ الإنسانية المدنية في البحر المتوسط". وأشارت إلى أنها "منفتحة أمام أي حوار شفاف وعادل مع سلطات جبل طارق، وتحترم بشدة القوانين والتعليمات التي تعد أساس مهمتها".
وأعلنت المنظمة في وقت سابق نيتها العودة إلى منطقة الإنقاذ في أسرع وقت"، داعية إلى اعتماد "نموذج دائم للبحث والإنقاذ لمواجهة الأزمة الإنسانية الحالية". وأشارت ممثلة المنظمة في ألمانيا فيرينا بابكي إلى أن "أكواريوس بالتأكيد لديها نية وواجب الإبحار مجددا في أسرع ما يكون، قبالة السواحل الليبية".
وأضافت بابكي "في حال خسرنا الحق في الإبحار تحت علم جبل طارق لأي سبب من الأسباب، قد تواصل أكواريوس إبحارها تحت العلم الألماني. إنه سيناريو يمكن تصوره".
مسؤولية المهاجرين
وبعد أن بقيت "أكواريوس" عالقة في البحر المتوسط لعدة أيام ريثما تجد مرفأ آمنا، سمحت أخيرا سلطات مالطا بإنزال المهاجرين الـ141 الذين كانوا على متنها، إثر التوصل إلى اتفاق حول توزيعهم على خمس دول أوروبية.
ورفضت إيطاليا استقبال السفينة في موانئها، ودعت بريطانيا إلى تحمل مسؤولية المهاجرين، واعتبر وزير البنية التحتية والنقل الإيطالي دانيلو تونينيللي أنه “تم تنسيق عمل السفينة من قبل قوات خفر السواحل الليبية في نطاق مسؤوليتها”، وبما أنها تحمل عمل جبل طارق فيجب "على المملكة المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها في مجال حماية الناجين”، علما أن جبل طارق، منطقة حكم ذاتي تابعة للملكية البريطانية.
وعلقت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على تصريحات تونينيللي، موضحة أن مسؤولية الدول صاحبة العلم المرفوع على السفينة قد تكون ممكنة من الناحية النظرية، "ولكن عمليا لا يمكن تطبيق هذا الأمر دائما، إذ هناك عوامل أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مثل الطرف الذي نسق الإنقاذ ومكان حدوثه وغير ذلك".
ومع التعقيدات التي تواجهها "أوبن آرمز" و"أكواريوس"، تغيب اليوم سفن الإنقاذ كليا عن منطقة البحث والإنقاذ في البحر المتوسط قبالة السواحل الليبية.