مهاجرون يعبرون المنطقة الحدودية بين البوسنة وكرواتيا. أرشيف
مهاجرون يعبرون المنطقة الحدودية بين البوسنة وكرواتيا. أرشيف

أعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية المعنية بحقوق الإنسان في تقرير نشر الاثنين 11 كانون الأول/ديسمبر 2018، أن قوات الأمن الكرواتية قامت بإرجاع لاجئين كانوا يحاولون الدخول إليها من البوسنة بوسائل عنيفة، حتى إنها لم تسمح لهم بالتقدم بطلبات لجوء.

أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريرا أوردت فيه أن قوات الشرطة الكرواتية استخدمت العنف والترهيب أثناء إعادتها لمهاجرين كانوا يحاولون عبور الحدود مع البوسنة.

وجاء في تقرير المنظمة مقابلات مع 20 شخص، من بينهم 11 رب أسرة ومهاجر قاصر واحد غير مصحوب، جميعهم قالوا إن الشرطة الكرواتية أبعدتهم إلى البوسنة والهرسك دون أن يتاح لهم المجال للتقدم بطلب لجوء، وذلك بعد أن تم احتجازهم لفترة من الزمن. 16 من الذين أدلوا بشهاداتهم، وضمنهم نساء وأطفال، قالوا إنهم تعرضوا للضرب في بعض الأحيان من قبل عناصر الشرطة، الذين قاموا بسرقة أموالهم والاستيلاء على هواتفهم المحمولة أو تكسيرها.

هيومان رايتس ووتش حذرت السلطات الكرواتية من أن حرمان الأشخاص من حقهم في طلب اللجوء يتعارض مع قانون الاتحاد الأوروبي، وحثت المفوضية الأوروبية على الضغط على كرواتيا من أجل وقف الإعادة التعسفية لطالبي اللجوء والتحقيق في مزاعم العنف.

وكانت مفوضية شؤون اللاجئين قد أفادت في آب/أغسطس الماضي عن تلقيها تقارير تفيد بأن الشرطة الكرواتية أجبرت 2,500 مهاجر وطالب لجوء على العودة إلى البوسنة وصربيا منذ بداية 2018، وتضمنت تلك التقارير اتهامات للشرطة الكرواتية باستخدام العنف مع المهاجرين وحتى سرقة مقتنياتهم.

وزير الداخلية الكرواتي دافور بوزينوفيتش، رد على تقرير المنظمة الدولية برسالة مفصلة قال فيها إنه لا توجد أدلة كافية لتوجيه اتهامات جنائية، وإنه ما من طريقة للتأكد من صحة ادعاءات المهاجرين، وإنه ما من أدلة كافية على وقوع عمليات إعادة قسرية عبر الحدود إلى البوسنة.

وأكد الوزير في رسالته على أن وزارته لا تتسامح تجاه العنف أو التصرفات غير المقبولة من عناصر الشرطة.

ودعت رايتس ووتش السلطات الكرواتية إلى القيام بتحقيق شفاف ومعمق للكشف عن الانتهاكات التي اتهم بممارستها رجال شرطة كرواتيون، ومحاسبة المسؤولين عن هذا النوع من الممارسات.

مركز واحد فقط في البوسنة لاستقبال المهاجرين

وبسبب إغلاق طريق الهجرة غربي البلقان، علق الآلاف من المهاجرين في صربيا، ما أجبرهم على البحث عن طرق جديدة للوصول إلى الاتحاد الأوروبي. وعام 2018 وحده، شهدت البوسنة تدفق عدد كبير من المهاجرين على أراضيها، من أقل من ألف عام 2017، إلى أكثر من 22 ألفا عام 2018. وحسب المفوضية، هناك ستة آلاف مهاجر وطالب لجوء حاليا في البوسنة.

يذكر أن البوسنة والهرسك منحت وضعية الحماية الدولية لـ17 شخصا فقط منذ 2008. وبلغ عدد طالبي اللجوء في ذلك البلد 381 وذلك عام 2017.

وتملك البوسنة مركزا واحدا لاستقبال مهاجرين بالقرب من سراييفو، بقدرة استيعابية تصل حتى 156 شخصا. ويبيت طالبو اللجوء والمهاجرون في مدينتي بيهاتش وفليكا كلادوشا الحدوديتين في مراكز إيواء مؤقتة تديرها منظمة الهجرة الدولية، هي عبارة عن مبان مهجورة.

ريبورتاج - البوسنة: مهاجرون يفضلون مواصلة رحلتهم على البقاء في مراكز الاستقبال

إعادة قسرية وحرمان من تقديم طبي لجوء

وأكد التقرير أن كل من أدلى بشهادته قال إن الشرطة الكرواتية أعادتهم إلى البوسنة، بعد أن تم احتجازهم لفترة، دون أن تؤخذ بعين الاعتبار مطالبهم بتقديم اللجوء أو حتى أبسط حقوقهم الإنسانية.

وأضاف هؤلاء أنهم أثناء تواجدهم في مقرات الشرطة تم تفتيشهم وتصويرهم وأخذ بيانات مفصلة عنهم كأسمائهم وبلدانهم الأصلية وأعمارهم والطرق التي سلكوها للوصول إلى كرواتيا. ولم يتم إعطاؤهم نسخ عن البيانات التي جمعت عنهم.

وأفاد المهاجرون أنهم احتجزوا في غرف لا يوجد فيها أثاث لفترات تراوحت بين ساعتين و24 ساعة، ليتم نقلهم لاحقا إلى المنطقة الحدودية. ثلاثة من الذين استجوبهم التقرير قالوا إنهم طلبوا اللجوء في كرواتيا إلا أن رجال الشرطة تجاهلوهم أو ضحكوا في وجوههم.

كانوا عديمي الرحمة... لم يتوقفوا عن ضرب الرجال

فاطمة، مهاجرة سورية تبلغ من العمر 34 عاما، كانت تسافر مع أطفالها (2 و4 و10 أعوام) وأخي وزجها البالغ من العمر 16 عاما. "كانوا عديمي الرحمة (الشرطة)... كانوا يضربون الرجال دون توقف. مع أنهم رأوني مع الأولاد، إلا أنهم لم يتوقفوا عن ضرب أخي زوجي... أطفالي أصابتهم حالة من الرعب... ابنتي الكبرى مازالت تستيقظ وسط صراخها في الليل...".

أبو حسن، مهاجر إيراني يبلغ من العمر 30 عاما، أدلى بشهادته في التقرير، وجاء فيها "كانوا (الشرطة) يرتدون أقنعة. كان هناك جسر يبعد 50 أو 60 مترا... الجدول كان بعرض 5 أو 6 أمتار وبعمق يصل حتى الخصر تقريبا. بعد أن عبرنا قالوا لنا إنه علينا العودة إلى الضفة الأخرى. ثم قام عناصر الشرطة بضربي بالهراوات ورميي على الأرض وركلي بأرجلهم. كانوا يتناوبون على ضربي، واحد يسلمني للآخر... هكذا حتى أجبرونا على العودة. ضربوني على رجلي ويدي وكتفي... لم أستطع السير لمدة أسبوع بعدها".

بانتظار العبور إلى كرواتيا.. مهاجرون يفترشون العراء في البوسنة

 

للمزيد