برامج التعليم المجتمعي مثل هذا البرنامج في كابول ، أفغانستان ، غالبًا ما تكون الفرصة الوحيدة للأطفال اللاجئين ، وخاصة الفتيات ، لتلقي التعليم المناسب. المصدر: Paula Bronstein for HRW
برامج التعليم المجتمعي مثل هذا البرنامج في كابول ، أفغانستان ، غالبًا ما تكون الفرصة الوحيدة للأطفال اللاجئين ، وخاصة الفتيات ، لتلقي التعليم المناسب. المصدر: Paula Bronstein for HRW

دقت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ناقوس الخطر، والسبب هو أن أكثر من نصف الأطفال اللاجئين حول العالم لا يذهبون إلى المدرسة، كما جاء في تقرير جديد لمفوضية اللاجئين، والتي أرجعت ذلك إلى نقص الأموال. وتحث المفوضية المجتمع الدولي على توفير المزيد من المال لبناء المزيد من المدارس.

في تقريرها السنوي الرابع عن التعليم، قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أقل من نصف الأطفال اللاجئين حول العالم يتلقون تعليماً مدرسياً، محذرة من "عواقب وخيمة" قد تواجه الدول المضيفة بسبب قلة الاستثمار في تعليم الأطفال اللاجئين فيها.

وفي التقرير الذي حمل عنوان "تصاعد في أزمة تعليم اللاجئين"، قال المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: "نحن بحاجة إلى الاستثمار في تعليم اللاجئين أو دفع ثمن جيل من الأطفال المحكوم عليهم بأن يكبروا دون أن يكونوا قادرين على العيش بشكل مستقل وإيجاد عمل والمساهمة بشكل كامل في مجتمعاتهم".

وقالت المفوضية في تقريرها، الذي تم نشره في نفس الوقت الذي يعود فيه الأطفال إلى المدرسة بعد العطلة الصيفية في نصف الكرة الأرضية الشمالي، إن ما يقدر بنحو 3.7 مليون طفل من بين 7.1 مليون لاجئ في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة في الوقت الحالي.

وقال غراندي: "المدرسة هي المكان الذي يُمنح فيه اللاجئون فرصة ثانية"، وأضاف: "إننا نجعل اللاجئين يفشلون من خلال عدم منحهم الفرصة لبناء المهارات والمعرفة التي يحتاجون إليها للاستثمار في مستقبلهم".

ووفقاً للتقرير فإن 63% فقط من الأطفال اللاجئين يلتحقون بالمدارس الابتدائية، مقارنة بالنسبة العالمية البالغة 91%، مشيراً إلى أن نسبة التحاق اللاجئين بالمدرسة تنخفض بشكل حاد في سنوات الدراسة الثانوية، إذ يحصل 24% فقط من اللاجئين على فرصة لإتمام الدراسة الثانوية، وهذا أقل بكثير من النسبة العالمية البالغة 84%.

وقالت المفوضية إنّ الانخفاض الحاد بين النسبتين في التعليم الابتدائي والثانوي هو "نتيجة مباشرة لعدم وجود تمويل لتعليم اللاجئين".
ولذلك، دعت المفوضية الجهات المانحة من حكومات ومنظمات وشركات إلى تمويل مبادرة جديدة لبناء المزيد من المدارس الثانوية وتدريب المعلمين ومساعدة عوائل اللاجئين في تغطية تكاليف التعليم.

وذكرت المفوضية في تقريرها أنه و"من دون فرص مدرسية أو فرص عمل فإن المراهقين يصبحون أكثر عرضة للاستغلال واللجوء إلى أنشطة غير قانونية بسبب اليأس"، مضيفة أن الأطفال في المجتمعات المضيفة أيضاً سيستفيدون عندما يتم بناء مدارس إضافية.




دراسة حالة اليونان
سلطت المفوضية في التقرير الضوء على العديد من البلدان التي يكون فيها تعليم الأطفال المهاجرين "غير كافٍ". ففي الجزر اليونانية، على سبيل المثال، لا يتلقى أكثر من ثلاثة أرباع الأطفال، البالغ عددهم 4565 طفلاً، تعليماً مدرسياً.

وقال ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في اليونان،
فيليب لوكليرك: "يجب أن يتلقى كل طفل تعليماً رسمياً في أقرب وقت ممكن"، وأضاف: "يجب القيام بالمزيد لتجنب بقائهم متخلفين دراسياً".

ويعيش اللاجئون في الجزر اليونانية في ظروف صعبة. ففي جزيرة كوس، مثلاً، يعيش حوالي 1800 طالب لجوء في مركز استقبال تم إنشاؤه في الأصل ليستوعب 800 شخصاً كحد أقصى.

الاكتظاظ الشديد في المخيمات اليونانية وعدم توفر مرافق كافية يجعل ظروف معيشة اللاجئين وخاصة الأطفال منهم أصعب.


قصة سمير
وقال اللاجئ الأفغاني سمير (11 عاماً) للمفوضية: "المخيم فظيع!"، مبدياً رغبته بالعودة إلى المدرسة في أقرب وقت ممكن وتعويض الوقت الضائع "قبل أن تصبح الفجوة كبيراً جداً بحيث لا يمكن سدّها".

وبعد توقف تعليمه المدرسي نتيجة خروجه من بلده ورحلته اللاحقة عبر تركيا إلى اليونان، عاد سمير إلى مقاعد الدراسة لكن لتعلم اللغة اليونانية، وذلك بفضل مبادرة غير رسمية للتعليم في جزيرة كوس تديرها منظمة غير حكومية.
طالب اللجوء الأفغاني سمير يتعلم اليونانية بفضل مبادرة غير حكومية | Credit: UNHCR/Socrates Baltagiannis

ويحضر 112 طفلاً الدروس يومياً، لكن دون وجود اختبارات أو شهادات تظهر مدى تقدمهم في الدراسة، وذلك لأن المدرسة غير حكومية.

إلا أن المفوضية
تطالب بأن يكون التسجيل في مدرسة رسمية تعتمد على المنهاج الوطني متاحًا لجميع الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء في اليونان.

وتقول المفوضية في التقرير: "الروتين المدرسي يساعد على استعادة الحياة الطبيعية بعد الصدمة التي يعاني منها العديد من اللاجئين اليافعين"، داعية إلى إشراك اللاجئين في أنظمة التعليم الوطنية بدلاً من "التحايل عبر مدارس موازية غير رسمية".

منهاج رسمي باسم "نقطة انطلاق"
ولتحقيق هذه الغاية، قالت المفوضية إن اللاجئين بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على السير وفق "منهج عادي ومعترف به في جميع المراحل: الابتدائية والإعدادية والثانوية"، مشيرة إلى أن هذا من شأنه أن يمنحهم "المؤهلات المعترف بها التي يمكن أن تكون نقطة لانطلاقهم إلى الجامعة أو التدريب المهني".

كما انتقدت المفوضية النهج المعاكس للمدارس والجامعات ووزارات التعليم التي تشترط وجود وثائق من أجل السماح للاجئين بإكمال تعليمهم، وقالت إن هذا يؤدي إلى منع اللاجئين من حضور الفصول الدراسية فقط لأنهم تركوا شهاداتهم ووثائق الهوية الخاصة بهم عند فرارهم من بلدانهم.




 وأضافت المفوضية: "حتى عندما تتوفر هذه الوثائق، فإن بعض الدول المضيفة ترفض الاعتراف بالشهادات الصادرة في البلد الأصلي للاجئ". وتحثّ المفوضية جميع الدول على توفير وصول أسهل للاجئين إلى المدارس دون وثائق أو شهادات، مشيرة إلى أن انعدام الوثائق كان أحد الأسباب الرئيسية لعدم قبول أطفال لاجئين في المدارس في السنة الأولى.

عدد قليل من اللاجئين المسجلين في التعليم العالي
في حين أن 63% من الأطفال اللاجئين يتمكنون من الالتحاق بالمدارس الابتدائية، و24% منهم يتلقون تعليماً ثانوياً، فإن نسبة التحاق اللاجئين بالجامعات قليلة جداً ولا تتجاوز 1% من مجموع عدد اللاجئين حول العالم، في حين تبلغ النسبة بين غير اللاجئين إلى 37%.

وحثت المفوضية في تقريرها الجامعات على أن تبدي مرونة أكبر فيما يتعلق بشروط توفر الوثائق لدى اللاجئين والمهاجرين، وبررت ذلك بأن كثيرون يتركون هذه الوثائق عندما يفرّون من العنف والاضطهاد.

فألمانيا، على سبيل المثال، تواصل وضع عقبات بيروقراطية أمام اللاجئين عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بالشهادات الرسمية، بحسب تقرير المفوضية. فأحد العقبات الأساسية أمام إمكانية إكمال التعليم الجامعي في ألمانيا هو تجميع جميع الوثائق المطلوبة للتقديم، كما يقول التقرير.

لكن دراسة أُجريت في آذار/مارس 2019، كشفت عن زيادة عدد اللاجئين الذين يدرسون في الجامعات الألمانية أو الذين يقومون بتدريب مهني، في وقت تعاني فيه ألمانيا من نقص في الأيدي العاملة الخبيرة.

وفي عام 2018، اعترفت ألمانيا بـ36400 شهادات مهنية أجنبية، بزيادة 20% مقارنة بعام 2017.

بنيامين باتكه/م.ع.ح

 

للمزيد