صورة من الأرشيف لمهاجرين يمشيان في مدينة كاليه. المصدر: مهدي شبيل/مهاجر نيوز
صورة من الأرشيف لمهاجرين يمشيان في مدينة كاليه. المصدر: مهدي شبيل/مهاجر نيوز

سترسل السلطات الفرنسية حافلات لإجلاء المهاجرين من مخيمات كاليه ودنكيرك شمال البلاد لنقلهم إلى مراكز إيواء مؤقتة، إجراء اتخذته الحكومة الفرنسية كجزء من تدابير الحجر الصحي لمحاربة انتشار فيروس كورونا المستجد. إلا أن المهاجرين وكذلك الجمعيات التي تساعدهم يشعرون بالقلق من هذا الإجراء، لاسيما وأن الحكومة لم تزودهم بتفاصيل إضافية تتعلق بهذا التدبير الاحترازي.

محافظة با دو كاليه شمال فرنسا، أبلغت الجمعيات الأسبوع الماضي عن خطة لإجلاء ساكني مخيمات كاليه وغراند ساند إلى مراكز إيواء مؤقتة، العملية ستبدأ هذا الثلاثاء 31 آذر/مارس، وسترسل السلطات إلى تلك المناطق حافلات تقل المهاجرين، العملية ستستمر لعدة أيام "على أساس طوعي". ولكن عدد كبير من المهاجرين بقولون إنهم سيحاولون عبور القناة الإنكليزية والوصول إلى المملكة المتحدة قبل وصول الحافلات، بحسب صحية "الغارديان".

الذهاب إلى مراكز الإيواء المؤقتة سيكون طوعياً

منظمات عديدة تعمل على مساعدة المهاجرين في تلك المخيمات أكدت أن أوضاعهم سيئة وأنه من الصعب عليهم التقيد بإجراءات الحجر الصحي، فهم يعانون نقصاً في مياه الشرب والاغتسال والغذاء، والعديد من المنظمات أوقفت عملها التزاماً بأوامر الحكومة، ولم يعد في متسع المهاجرين العثور على أماكن يقصدونها لمتابعة شؤونهم وشحن هواتفهم.

جمعية "سيكور كاثوليك" أُجبرت على الإغلاق، فمعظم متطوعيها تجاوزوا سن 70 عاما، وتعتبر هذه الفئة معرضة أكثر من غيرها للإصابة بالفيروس. وبحسب جمعية "يوتوبيا 56"، فحتى مركز التزود بالكهرباء التابع لجمعية "لافي أكتيف" تم إيقافه منعا للتجمعات.

إجراء كهذا لن يترك للمهاجرين خيارات أخرى، فهواتفهم هي سبيلهم للاطمئنان على عائلاتهم والتواصل مع المنظمات والاتصال بالرقم المخصص للإسعاف في حال ظهور أعراض كورونا على أحدهم. الأمر الذي أكدته جمعية "كير فور كاليه"، وهي جمعية تقدم تقدم المساعدات للاجئين في كاليه ودنكيرك، مضيفة أن النقص الذي تعانيه المخيمات لربما سيكون السبب في موافقتهم على الذهاب إلى المراكز، فالجوع هو ما سيقلب الموازين بحسب الجمعية، لهذا تشكك في طواعية الذهاب. فليس للمهاجرين خيار آخر "يركز اللاجئون والمهاجرون على النجاة أكثر مما يركزون على الوقاية من الفيروس"، وتشير الجمعية إلى افتقارها للمعلومات عن مراكز الإقامة المؤقتة.


سيعود المهاجرون إلى المخيمات سريعا

ووفقاً للجمعيات، فإن الإعلان الحكومي المتأخر ونقص المعلومات، يبث القلق في صفوف المهاجرين الذين يقدر عددهم بحوالي 1000 شخص، بينهم مئات القصر غير المصحوبين بذويهم، ويدفعهم إلى طرح عدة أسئلة "هل سيسألوننا عن أوراقنا؟ هل سيتم زجنا في مراكز احتجاز؟ أنطوان نهر من جمعية "يوتوبيا 56" يقول "إن التدابير غير موضحة في جميع اللغات التي يتحدث بها هؤلاء الناس، ماذا سنقول لهم؟ اصعدوا على متن الحافلة سنأخذكم إلى المركز؟ سيرفض الكثيرون حتماً".

العودة إلى كاليه لا تزال أولوية عند الكثير من المهاجرين بحسب صحيفة الغارديان، فعلى الرغم من الجائحة، تستمر محاولات عبور القناة، فالأسبوع الماضي، وفي يوم واحد، أنقذت السلطات الفرنسية والبريطانية 110 مهاجرين. 

وبالنسبة لأنطوان نهر، لن يكترث المهاجرون بمخاطر جائحة كورونا، ما يقلقهم هو البعد عن كاليه، المدينة التي يتجه إليها المهاجرون على أمل العبور إلى إنجلترا.

وهو ما أكده نائب رئيس جمعية "أوبيرج دي ميغران" (نزل المهاجرين)، فرنسوا غيوك، عبر وسائل إعلامية "وضع المهاجرين في مراكز بعيدة لن ينجح. لن يصعد البعض إلى الحافلات وسيعود البعض إلى مناطقهم التي رحلوا عنها بعد وقت قصير من عملية الإخلاء. فيما سيضطر البعض الآخر للذهاب ربما، ويضيف "لا نعرف إن كان سيتم حبسهم في تلك المراكز وهم لا يعرفون إن كان بإمكانهم العودة إلى كاليه، خاصة بتواجد كثيف للشرطة في الطرقات".

سيتم نقل المهاجرين على دفعات

بحسب صحيفة الغارديان، ستبدأ العمليات بإجلاء مئة شخص إلى مراكز مؤمنة، وسيتم قبل وصولهم إليها إجراء فحص طبي عليهم للتأكد من أوضاعهم الصحية وفور وصولهم إلى المراكز المؤقتة ستسري عليهم إجراءات الحجر الصحي المتبعة على جميع الأراضي الفرنسية. ولن يكون بإمكانهم الخروج سوى لشراء الأطعمة أو للمواعيد الطبية أو لممارسة تمارين رياضية لا تبعد عن مكان سكنهم أكثر من كلم واحد.

أنطوان نهري يؤكد على أهمية حماية مهاجري المخيمات من فيروس كورونا المستجد، فاتخاذ تدابير الحجر في المخيمات صعب، نظرا لاكتظاظ الخيم ولبعد نقاط الماء وسوء المرافق الصحية المشتركة وتوقفها عن العمل فبعض الخدمات كنقاط الاستحمام  لم تعد متاحة لهم، ونوه إلى أن جهودا يجب بذلها  لتوعية المهاجرين بمخاطر هذا الفيروس، ليقتنعوا بأمر الذهاب المؤقت. لكن غياب المعلومات الأساسية من الممكن أن يحول دون ذلك.

 

للمزيد