في مراكز الاحتجاز في ليبيا، يفرض المهربون على عائلات المهاجرين المحتجزين دفع مبالغ مادية طائلة ويقومون بابتزازهم واستغلال الرجال والنساء جنسيا. في تقرير لصحيفة "ذا أيرش تايمز" الإيرلندية يروي مهاجرون شباب كيف تحولت حياتهم إلى "جحيم" في سجون المهربين الليبيين.
بمجرد دخوله إلى “مخزن المهرب”، علم الشاب الذي لم يتجاوز عمره 17 عاما أن إقامته ستطول في ليبيا ولن تكون لبضعة أيام، على عكس الوعود التي قطعها له المهرب.
900 رجل وامرأة وطفل، يعيشون في غرفة كبيرة واحدة، غير مجهزة باتا لاستيعاب هذا العدد من الأشخاص، "كانت هناك ثلاثة مراحيض، ودرجة الحرارة مرتفعة للغاية، كنا نضطر إلى شرب المياه من المراحيض والاغتسال بنفس المياه".
الشاب آرون، كان مراهقا حين ترك بلده أريتريا هربا من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، واتجه إلى ليبيا أملا بالعبور إلى أوروبا، بحسب ما روى لصحيفة "ذا أيريش تايمز"، فالمهرب كان قد أكد له بأنه سيصل إلى أوروبا خلال أيام معدودة حيث يستطيع بدء حياة جديدة.
لكن الحياة الجديدة التي كان يأمل بها تحولت إلى "الضرب والجوع والجنون والكثير من الأشياء الأخرى، مثل جميع المحتجزين الآخرين.. كان هناك أشخاص يموتون من الجوع، وتنقل بعض النساء إلى المنزل الخاص بالمهرب".
يستذكر آرون تفاصيل ما حدث معه وكيف وجد نفسه في المأزق الذي كان لا مخرج منه سوى دفع 10 آلاف دولار، "لا يُسمح لك بإجراء مكالمة هاتفية أكثر من دقيقتين.. عليك الاتصال بهم [عائلتك]، لإخبارهم بالسعر وإعطائهم رقم الهاتف أو عنوان الشخص الذي سيتلقى المال".
فدية باهظة دون ضمانات
الصحيفة الإيرلندية كشفت أيضا عن الأرباح المادية التي يجنيها المهربون. وأشارت بحسب الناشطة ميرون استيفانوس، إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية تم دفع مليار دولار على شكل فِدىً مالية، من قبل أفراد أسر المحتجزين وأصدقائهم لتأمين الإفراج عنهم.
الناشطة المقيمة في السويد تقول إنها ساعدت بنفسها المحتجزين على دفع الفدية التي يطلبها المهربون، بعد أن أيقنت أن الأمور ستبقى على حالها رغم محاولاتها العديدة الاتصال مع جمعيات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة، بحسب قولها، "العالم لا يبالي. نقول دائما إن دفع الفدية ليس جيدا. ولكن ماذا لو كان أخوك أو أختك في هذا الموقف؟ أو إذا كان طفلك في هذه الحالة؟ من هم الأهل الذين سيقولون لن ندفع؟".
الشاب الصومالي هاني، يقول "يتصلون بأهلنا لجعلهم يدفعون المال... يقولون إذا لم تدفع، سيقتلونك أو سيقطعون جسدك إلى أجزاء، كما في أفلام الرعب".
حتى بعدما يدفع المحتجز الفدية، لا توجد ضمانة حقيقية لإطلاق سراحه، وفي إحدى الحوادث "تم تبادل مئات اللاجئين والمهاجرين بعد أن فقد مهربهم رهانا أثناء المقامرة. يقول سوداني من مركز احتجاز في طرابلس، إن عائلات المحتجزين كان قد جمعت ما يصل إلى 35 ألف دولار، ودفعت امرأة صومالية معه 60 ألف دولار على أقساط. ويقول إن كل المحتجزين معه دفعوا 3000 دولار على الأقل".
يبلغ اليوم آرون 21 عاما، ويعيش في تونس غير قادر على الحصول على حقه في طلب اللجوء، بحسب قوله "يضيع الوقت، يضيع المال... نحن هنا في تونس، ما زلنا نكافح في رحلة الهجرة".
عنف جنسي ضد الرجال والنساء
العنف الجنسي ضد كلا الجنسين في ليبيا منتشر أيضا. قال اللاجئون الذكور إنهم تعرضوا للاغتصاب وأُرغموا على ممارسة الجنس مع محتجزين آخرين تحت أعين المهربين. ويقوم بعض المهربين باغتصاب النساء أمام الكاميرا، ثم يهددون بنشر مقاطع الفيديو على الإنترنت إذا تجرأ أحد على الإخبار عنهم.
في أحد المراكز، أكثر من 12 امرأة حملن من نفس المهرب، واضطرت بعض النساء إلى دفع مبالغ باهظة الثمن للحصول على حبوب الإجهاض أثناء وجودهن في السجن.
لا توجد أرقام دقيقة عن عدد القتلى من المحتجزين قسرا في سجون المهربين، "في عام 2018، أحد أعضاء منظمة أطباء بلا حدود تحدث عن عدد حقائب الجثث التي يتم طلبها في بني وليد، ووصل عددها إلى 50 أسبوعيا"، بحسب الصحيفة.
وكان مهاجر نيوز، قد نقل العديد من شهادات المهاجرين في ليبيا ووثق ما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة في مراكز الاحتجاز.