يحاول المهاجرون عبور الحدود الهنغارية إلى غربي أوروبا لكنها تصدهم وتعيدهم إلى صربيا بطريقة غير شرعية
يحاول المهاجرون عبور الحدود الهنغارية إلى غربي أوروبا لكنها تصدهم وتعيدهم إلى صربيا بطريقة غير شرعية

كانت لجنة هلسنكي الهنغارية (HHC)، إلى جانب العديد من مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان الأخرى، منشغلة بجمع الأدلة التي توثق انتهاك هنغاريا المستمر لقانون الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعمليات صد المهاجرين. إذ يذكر أنه منذ أن أعلنت محكمة العدل الأوروبية أن عمليات صد المجر غير قانونية في ديسمبر / كانون الأول 2020 ، أُعيد نحو 5 آلاف شخص إلى صربيا.

أعلنت وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس" الشهر الماضي، أنها ستعلق عملياتها في هنغاريا. الأمر الذي استقبله أندراس ليدرر، بسرور بالغ. إذ يعتقد ليدرر، وهو كبير المدافعين في لجنة هلسنكي الهنغارية (HHC)، وهي منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان مقرها بودابست، أن قرار فرونتكس يرجع جزئياً إلى عمله الدؤوب في جمع الأدلة لإظهار أن هنغاريا استمرت في عمليات الرفض والصد، رغم إعلان محكمة العدل الأوروبية (ECJ) في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2020 أن عمليات الإعادة هذه غير قانونية.

وكان ليدرر قد نشر في 26 يناير/ كانون الثاني، خريطة غوغل توثق ما يقرب من 600 عملية صد وإعادة شملت 4504 أشخاص في الشهر التالي لقرار المحكمة. وتشير النقاط الزرقاء على الخريطة إلى حوادث منفصلة، مع روابط مرفقة باللغة المجرية وملخص قصير باللغة الإنجليزية. كما يتم تحديث الخريطة يومياً. وحتى 31 كانون الثاني/ يناير 2021، تم إعادة 4903 أشخاص، وفقاً للإحصاءات اليومية للمنظمة.

صورة لخارطة غوغل من موقع لجنة هلسنكي الهنغارية تظهر عمليات صد وإعادة المهاجرين في مختلف أنحاء هنغاريا
صورة لخارطة غوغل من موقع لجنة هلسنكي الهنغارية تظهر عمليات صد وإعادة المهاجرين في مختلف أنحاء هنغاريا

يعلق ليدرر في رسالته على تويتر المصاحبة للخريطة: "كما تعلم، من الصعب عادةً إثبات انتهاكات حقوق الإنسان بهذا الحجم، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالطرد الجماعي.. غير أن هنغاريا غير الليبرالية (التي) تنشر بفخر المئات منها على الموقع الرسمي للشرطة، فما كان علينا سوى نقلها إلى الخريطة."


وأوضح ليدرر أن وضع عمليات الصد "فقط" على الخريطة يستغرق وقتاً طويلاً. إذ يتطلب الأمر بحثاً مطولاً عن المعلومات الموجودة على الموقع الإلكتروني للشرطة، ومن ثم الترجمة الدقيقة إلى اللغة الإنجليزية، كما أنه قد جمع معلومات من مجموعات حقوقية أخرى على الجانبين الهنغاري والصربي من الحدود.

وقال ليدرر لمهاجر نيوز عبر الهاتف من بودابست: "منذ عام 2016 ، تمكنت هنغاريا من إعادة أكثر من 50 ألف شخص إلى صربيا. ولم يكن لدي متسع من الوقت لوضع كل هذا العدد على الخريطة".

الكتاب الأسود 2020

في "الكتاب الأسود" وهو كتاب مؤلف من 1500 صفحة، تم توثيق مئات عمليات الصد والترحيل القسري بحق مهاجرين غير شرعيين، منعوا من دخول الاتحاد الأوروبي، لاسيما على طريق البلقان. وكانت قد نشرته شبكة مراقبة العنف على الحدود، بتمويل جزئي من المجموعة اليسارية في البرلمان الأوروبي. وقد كتب ليدرر مقدمة للقسم الهنغاري المؤلف من 100 صفحة تقريباً. مسلطاً الضوء على العنف أثناء عمليات الصد، ويقول إن "إصابات الرأس، والأطراف المكسورة، واليدين المكسورة، واستخدام الهراوات، واستخدام الكلاب"، كلها أمور شائعة إلى حد ما خلال عمليات الصد هذه. كما أن "الإذلال" هو سلاح آخر، مشيراً إلى أن من تم القبض عليهم من قبل الشرطة الهنغارية يجبرون في بعض الأحيان على خلع ملابسهم الداخلية، حتى في منتصف الشتاء ثم يُطلب منهم المشي كيلومترات في الثلج "شبه عراة" أو حتى رشهم بالمياه الباردة. إضافة إلى إخافتهم بالكلاب دون الاهتمام لوجود أطفال، وغيرها العديد من الممارسات اللإنسانية.

التأكد من أنهم "لا يطلبون اللجوء"

على الرغم من أن الشرطة الهنغارية توثق الكثير من عمليات الصد على موقعها الإلكتروني، إلا أنها "لا تأخذ بصمات الأصابع أو تتحقق من هويات أي من هؤلاء الأشخاص". ويوضح ليدرر أن حالات الصد هذه غالباً ما تتم دون أن تتكلف الشرطة عناء التحقق من أسماء الأشخاص أو مستنداتهم أو بصمات أصابعهم.

والسبب في هذا النقص في الوثائق هو "التأكد من أنهم لا يطلبون اللجوء"، وهو في حد ذاته مخالف للقانون الأوروبي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنه غير مخالف للقانون المحلي الهنغاري، الذي تم تغييره عدة مرات منذ عام 2016 للسماح بمثل هذه المارسات غير الإنسانية.

في تموز/ يوليو 2016، أصدرت الحكومة قانوناً يسمح بإبعاد أي شخص يقع على مسافة ثمانية كيلومترات من الحدود الصربية. ثم في آذار/ مارس 2017، تم توسيع تلك المنطقة لتصبح عبر البلاد بأكملها. وقال ليدرر إن بعض الأشخاص قد وصلوا مباشرة إلى بودابست من اليمن، وهي منطقة حرب، وطلبوا اللجوء على الفور. ولكن نظراً لجوازات السفر المزورة التي يحملونها، فإن إقامتهم كانت" غير قانونية "بالطبع، وبالتالي نقلوا على الفور إلى صربيا، من بينهم كانت هناك أم بصبحة أطفالها الأربعة.

فرونتكس تنحسب من هنغاريا

يتعين على فرونتكس، وفقاً لتشريعاتها الخاصة، ضمان احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في طلب اللجوء. وبحسب ليدرر، ربما لم تكن فرونتكس قد أعادت المهاجرين بنفسها من هنغاريا إلى صربيا، غير أنها قد تغاضت عن الكثير من عمليات الصد والممارسات غير الإنسانية، الأمر الذي يجعل منها شريكاً في كل ما يحدث. ولذلك "اضطرت فرونتكس إلى تعليق عملياتها".

اضطرت فرونتكس إلى تعليق عملياتها في هنغاريا التي تستمر في خرق القانون الأوروبي والدولي فيما يتعلق بصد وإعادة اللاجئين
اضطرت فرونتكس إلى تعليق عملياتها في هنغاريا التي تستمر في خرق القانون الأوروبي والدولي فيما يتعلق بصد وإعادة اللاجئين

وهذا هو سبب سرور ليدرر، الذي يأمل منذ عام 2016 أن تعلق فرونتكس عملياتها في هنغاريا. إذ يعتقد أن الحكومة كانت ستضغط كثيراً على فرونتكس كي لا تغادر، لأن رحيلها يضع هنغاريا في موقف أكثر صعوبة. ويؤكد ليدر أنهم سيواصلون العمل والمضي قدماً لإيقاف الخروقات والإساءات التي تحدث.

 

للمزيد