مهاجرون قاصرون في باريس، آذار/مارس 2019. المصدر/ مهاجر نيوز
مهاجرون قاصرون في باريس، آذار/مارس 2019. المصدر/ مهاجر نيوز

تقرير تم تقديمه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، يدرس "الإشكاليات الأمنية المتعلقة بتواجد القاصرين المهاجرين غير المصحوبين بذويهم على أراضي الجمهورية"، يتضمن أرقاماً وصفها الكثيرون "بالصادمة"، بالإضافة إلى توصيات تتعلق بآليات تحديد سن القاصرين، والتعامل مع الجانحين منهم.

قدم النائبان جان فرانسوا إلياو وأنتوان سافينا، أمس الأربعاء، تقرير فريقهم بخصوص "الإشكاليات الأمنية المتعلقة بتواجد القاصرين غير المصحوبين بذويهم على أراضي الجمهورية". هذا الفريق تم تشكيله من قبل اللجنة القانونية للجمعية الوطنية الفرنسية.

ويأتي هذا التقرير بعد سبعة أشهر من النقاشات وجلسات الاستماع، التي كانت محل تعليقات وانتقادات. وأكد القائمون على التقرير على أنه لا يتعامل مع قضية القاصرين غير المصحوبين بشكل عام، ولكنه يركز على "المشاكل المحددة التي يرتكبها القاصرون الأجانب الجانحون"، مسلطين الضوء على آليات تقييم سن المهاجر، التي تحدد ما إذا كان قاصراً أم لا. 

للمزيد >>>> كيف تطلب اللجوء في فرنسا؟

ينحدر ثلاثة من بين كل أربعة قاصرين أجانب غير مصحوبين يتم تقديمهم أمام العدالة، من الجزائر أو المغرب أو تونس

في عام 2019، تم تسجيل 17 ألف طفل في فرنسا، غالبيتهم من غينيا ومالي وساحل العاج، وتم التعامل معهم كقاصرين غير مصحوبين بذويهم. ويشير التقرير إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء القاصرين لا يشكلون أي مشكلة، لكن مديرية حماية الشباب القضائية تقدر أن ألفين إلى 3 آلاف قاصر غير مصحوبين بذويهم هم من "الجانحين"، أي حوالي 10٪ من إجمالي القاصرين المتواجدين في البلاد. وصرحت المديرية بأن "معظمهم من دول المغرب العربي، فهم يختلفون عن القاصرين الآخرين غير المصحوبين بذويهم بسبب رحلات الهجرة الصادمة التي يمرون بها بشكل خاص، ثم بعد ذلك بسبب حياة التجول بمجرد وصولهم إلى فرنسا. وغالباً ما يقعون ضحايا لشبكات الإتجار، وهم جانحون ومدمنون للمخدرات".

منذ وصولهم إلى فرنسا في عام 2016، يتجمع قاصرون مغاربة في منطقة "غوت دور" في الدائرة 18 في باريس، وعلى الرغم من محاولات بلدية باريس وخدمات حماية الطفل الاعتناء بهم، لم يتم النجاح في ذلك.

اليوم، العديد من المدن الفرنسية الكبرى، مثل بوردو ورين ومونبلييه، ونانت وتولوز، تواجه نفس الظاهرة.

وجاء في التقرير أنه في عام 2019 في باريس، "مثّل القاصرون الجزائريون والمغاربة والتونسيون غير المصحوبين بذويهم أكثر من 75٪ من القاصرين غير المصحوبين الذين تمت إحالتهم إلى العدالة"/ ولم تتغير هذه النسبة في عام 2020، منذ فك الحجر الصحي الذين كان مفروضاً في البلاد، وفقاً لإحصائيات محكمة باريس التي اطلعت عليها صحيفة "لو موند". أي أن ثلاثة من بين كل أربعة قاصرين أجانب غير مصحوبين يتم تقديمهم أمام العدالة، هم من الجزائر أو المغرب أو تونس. 

"غياب الدعم الاجتماعي والتعليمي".. في ظل الاستغلال المستمر من قبل الشبكات الإجرامية

هذه الأرقام المرتفعة تقلق السلطات العامة والمتخصصين في رعاية الأطفال الذين يجدون صعوبة في متابعة هؤلاء القاصرين. ووفقا للناشطة الحقوقية، كلير هيدون، "أُجبر الكثير من القاصرين على ارتكاب جرائم، لأنهم يخضعون لتأثير الشبكات الإجرامية أو البالغين الذين يمنعون أي تدبير من شأنه أن يوفر الحماية والدعم لهذه الفئة".

واستمع المقررون إلى حوالي 90 شخصا، عن طريق محادثة الفيديو، الذين أعربوا عن ذهولهم من الإحصاءات والأرقام. وتضمنت الحوارات بشكل أساسي: جمعيات ووكالات إنفاذ القانون وقضاة ومحامين وناشطين حقوقيين. وعلق النائب جان فرانسوا إلياو قائلاً "بغض النظر عن الانتماءات الإدارية للأشخاص الذين نجري معهم المقابلات، فإن الجميع في حالة ذهول، والهياكل القائمة لا يتم تكييفها".

كما أوصى القرار بعدم إيواء القاصرين في الفنادق، وجاء فيه "يحدث أن القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يفترض أنهم يتلقون المساعدة التعليمية في بعض الأقسام، يقيمون لمدة تصل إلى عامين في الفنادق". ومع ذلك، "خلال هذا الوقت، لا يتلقون أي متابعة اجتماعية- تعليمية حقيقية ولا يتلقون حتى دروساً لتعلم اللغة" (...) ".

وحث التقرير على إيجاد "حلول إقامة للقاصرين غير المصحوبين بذويهم الجانحين"، أي مراكز مغلقة مصممة خصيصا لهم. كما شجع المقررون على إنشاء "منشآت نهارية مخصصة لهم، حتى لا يختلطون مع غيرهم من القاصرين في مراكز الرعاية بالأطفال".

وحذر العديد من العاملين في هذا المجال من تعرض هؤلاء القاصرين للاستغلال من قبل البالغين. ووفقا للاتحاد الوطني للعاملين التربويين والاجتماعيين في الحماية القضائية للشباب، "غالباً ما يكون رجال بالغون في انتظار القاصرين غير المصحوبين على أبواب مراكز الشرطة عند الإفراج عنهم، ما يعني عودتهم إلى بيع السجائر أو المشاركة في تهريب المخدرات مقابل إيجاد مكان للسكن".

وفي مدينة بوردو، كانت قد أنشأت قوات الشرطة المحلية وحدة فريدة من نوعها في فرنسا مخصصة لهذه القضية في عام 2018، وأثبتت الوحدة في ثلاث حالات وجود شبكات إجرامية توفر المخدرات للقاصرين وتدفعهم لارتكاب جرائم. ويوصي التقرير "بتعميم وحدات خاصة ومتعددة المهام لمحاربة شبكات الانحراف والإتجار بالبشر".

للمزيد >>>>  كاليه: تمديد الحظر المفروض على توزيع الوجبات الغذائية على المهاجرين

تحديد سن القاصرين

وتعتبر قضية تحديد سن القاصرين، من أهم النقاط التي تناولها التقرير.

نقلاً عن الحماية القضائية للشباب، التي تعتبر أنه "ليس من المبالغة تخيل أن نصف القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يدعون أن أعمارهم تتراوح بين 16 أو 17 عاماً، في منطقة باريس، هم في الواقع أكبر من ذلك، ولا تقل أعمارهم عن 18 عاما، ويكذبون حول سنهم ". كما أوصى المقررون بجعل ملف دعم تقييم الأقلية (AEM) المثير للجدل، الذي تم إنشاؤه في عام 2019، إلزامياً، على الرغم من رفض العديد من الإدارات تنفيذه.

ويسمح هذا الملف للدولة، بجمع معلومات خاصة تتعلق بالشخص الذي يدعي أنه قاصر، كالبصمات الرقمية، والصور وتفاصيل دخوله إلى فرنسا.

وعلقت القاضية كاثرين داود، المحامية المسؤولة عن القاصرين الأجانب غير المصحوبين بذويهم في "لونتين دي مينور" في باريس، قائلة "إن هذا التقرير يوصي بتسجيل وفضح وتمييز وحبس وعقاب الأطفال الهاربين من المخاطر. في الوقت الذي يجب علينا فيه الترحيب بهم وحمايتهم وعلاجهم، بالإضافة إلى ملاحقة البالغين الذين يستغلونهم". وأضافت "لقد تم إهمال المصالح الضرورية للأطفال، كما تم التغاضي عن دور المحامين واحتقاره".

ومن أجل تحديد سنهم، لا يزال المقررون يرغبون في " إلزام السلطات بأخذ بصمات القاصرين والمعتقلين الجانحين الذين يدعون بأنهم قاصرون". كما طالب المقررون بتعزيز الشراكات مع السلطات الجزائرية والتونسية، على غرار التعاون الفرنسي المغربي الذي أنشئ في عام 2018، حيث تم نشر فريق مغربي مكون من سبعة ضباط شرطة في باريس للتعرف على القاصرين في "غوت دور". وكتب النواب في تقريرهم أنه وبفضل هذا التعاون، "تم تحديد هوية 320 مغربيا، بينهم 140 بالغا". مشيرين إلى أن الهدف من هذه العملية هو تنظيم عودة هؤلاء الشبان إلى بلادهم، بمن فيهم القاصرون.

للمزيد >>>> شمال فرنسا: الشرطة تكتشف 20 مهاجراً كانوا يختبئون في شاحنة

علينا إيواؤهم حتى لو كان الأمر ضد إرادتهم

أما التوصية رقم 16 في التقرير، فتتعلق بالتعديل المقترح لإصلاح قضاء الأحداث، المعروف بـ(la césure). هذا إجراء جنائي من خطوتين: في الجلسة الأولى، يحكم القاضي في ذنب المتهم. ثم بعد ستة إلى تسعة أشهر، في جلسة استماع ثانية، يلفظ العقوبة. وفي غضون ذلك، يخضع القاصر لـ"اختبار تعليمي". يعارض النواب تطبيق هذا الإصلاح على القاصرين غير المصحوبين، ويطالبون "بمحاكمة القاصرين غير المصحوبين بذويهم في جلسة واحدة، خاصة أولئك الذين لا يحملون أوراق هوية، ولا يملكون ضماناً للمثول أمام القضاء".

يصر جان فرانسوا إلياو على ذلك، بقوله "إنهم أطفال، وعلينا إيواؤهم حتى لو كان الأمر ضد إرادتهم. أعلم أن البعض سيعترض بشأن احتمالات تقييد الحريات، لكني متمسك بأن تكون هناك نتائج تشريعية لهذه المقترحات".

 

للمزيد