في آذار/مارس 2021، أرسلت منظمة ”فرونت ليكس“ ومنظمة ”المركز القانوني في ليسبوس“ رسالة إلى وكالة حماية الحدود الأوروبية ”فرونتكس“، تطلب منها إيقاف عملها في منطقة بحر إيجه، بعد تسجيل عدد كبير من انتهاكات الحقوق الأساسية وقانون الحماية الدولي. تحدث مهاجر نيوز مع المدير القانوني لمنظمة فرونت ليكس، أومير شاتز، لسؤاله عن سبب إرسال الرسالة وعن عمل المنظمة في بحر إيجه.
الرسالة التي أرسلتها منظمة "فرونت ليكس" في آذار/مارس مطالبة وكالة حماية الحدود الأوروبية إيقاف عملياتها في بحر إيجه، جاءت بعد نفي الوكالة تورطها في عمليات ”صد وإعادة قسرية“ كان كشف عنها تحقيق صحفي، وبعد أن أعلنت مجموعة في البرلمان الأوروبي في شباط/فبراير 2021 فتح تحقيق للنظر في الاتهامات التي طالت فرونتكس.
عن مضمون الرسالة والسبب وراء إرسالها، وعن سياسات الاتحاد الأوروبي فيما يخص عمليات "الصد القسري"، سأل مهاجر نيوز المدير القانوني لمنظمة فرونت ليكس، أومير شاتز.
ما هي مهمة منظمة ”فرونت ليكس“؟
فرونت ليكس منظمة تعمل على تحدي سياسات الهجرة في الاتحاد الاوروبي على نحو قانوني، من خلال تشريعات وحملات مناصرة، وعبر تمثيل الضحايا - المهاجرين، وتقديم الالتماسات الخاصة بقضاياهم إلى المحاكم الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تقديم المشورة القانونية للمنظمات الأخرى، كتلك التي تعمل على إنقاذ المهاجرين في المتوسط.
ويشمل نطاق عملنا أي طريق هجرة يوصل الى الحدود الأوروبية الداخلية والخارجية، ويتركز حاليا في منطقة شرق المتوسط ومنطقة بحر إيجه.
لماذا تطالبون ”فرونتكس“ بوقف عملياتها في بحر إيجه؟
إن فرونتكس متواطئة في ترحيل أكثر من 10 آلاف شخص في عام 2020 وحده، وهذه جريمة ضد الإنسانية. تجلى تورط الوكالة في تمويل وصياغة خطة التنفيذ والإدارة والتنسيق ومراقبة الجرائم المرتكبة.
يتمثل عملها في تلك المنطقة برصد واعتراض طالبي لجوء، وبينهم أطفال، ومن ثم تسليمهم إلى خفر السواحل اليوناني ”لإنهاء المهمة“، أي نقلهم قسرا إلى سفن صغيرة غير صالحة للملاحة وتركهم وسط البحر، غالبا من دون سترات نجاة أو ما يعينهم على البقاء. وعلى الرغم من علمها بما سيحدث، تفشل فرونتكس في منع تلك الانتهاكات وحماية الضحايا وإجراء التحقيقات ومعاقبة المتورطين، وأولهم مديرها التنفيذي.
ما هو تعريف عمليات ”الصد القسري“ بالنسبة إليكم؟
لا أعتقد أن هناك تعريف واحد ومحدد لعمليات الصد، هي مفهوم واسع يشمل الإعادة الفردية والطرد الجماعي والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الترحيل والاضطهاد والتعذيب والشروع في القتل. العنصر المشترك للمارسات التي ذكرتها، وفق ترتيب خطورتها، هو الافتقار إلى تقييم كل حالة على نحو فردي وخاص، وتأمين الحماية لأي إنسان يتعرض لأي من تلك الممارسات.
هل تعتقدون أن رسالتكم التي وجهتموها إلى وكالة ”فرونتكس“ ستفضي إلى إجابات واضحة؟
رسالتنا إلى فرونتكس خطوة إلزامية قانونا قبل رفع القضية إلى محكمة العدل الأوروبية، والطلب منها إصدار أمر لفرونتكس بإنهاء عملياتها في بحر إيجه على ضوء انتهاكاتها المنهجية واسعة النطاق والمستمرة لحقوق الإنسان. وبموجب القانون، فإن ”فرونتكس“ ملزمة بالإجابة.
ما هي الخطوات التي ستتبعها ”فرونت ليكس“ في حال لم تستجب ”فرونتكس“؟
سنرفع الدعوى أمام محكمة العدل الدولية، في كلتا الحالتين، وستكون تلك المرة الأولى على الإطلاق التي تقام فيها دعوى ضد وكالة ”فرونتكس“ بسبب انتهاك حقوق الإنسان.
خلال 15 سنة مضت على وجود ”فورنتكس“، وعلى الرغم من تورطها في جرائم وسط وشرق البحر المتوسط، لم تتعرض الوكالة ولا الدول التي تنتشر قوات الوكالة على حدودها للمساءلة قط، وبالتالي ستكون مهمة ”فرونت ليكس“ تصحيح هذا الخطأ.
للمزيد>>> اتهامات لوكالة "فرونتكس" بتنفيذ عمليات إعادة قسرية للمهاجرين
على الرغم من صدور تحقيقات صحفية وأخرى تابعة لمنظمات إنسانية، لا تزال ”فرونتكس“ تنكر تورطها في عمليات الصد وانتهاك حقوق الإنسان، ما رأيك في ذلك؟
تغيرت الأساليب التي تنكر فيها فرونتكس تورطها، عبر الزمن. فمثلا في البداية، لم تنكر حدوث انتهاكات، لكنها علقت بالقول ”إنها غير متورطة“. ولكن الآن وبعد أن بينت التحقيقات الصحفية والدلائل التي قدمتها المنظمات الإنسانية تورطها، باتت تنفي حدوث الانتهاكات من الأساس.
من جهة ثانية، لا يزال الاتحاد الأوروبي مصر على وقف تدفقات المهاجرين بأي طريقة، وهو أمر لا يمكن تخيل تبعاته. فعلى سبيل المثال، بلغت أعداد الوفيات في وسط المتوسط وحده ثلاثة أضعاف قتلى مذبحة ”سربرنيتسا“، أي أكثر من 20 ألف وفاة.
وما يجري حاليا لتعليل مختلف التبعات هو محاولة ”تجريد“ المهاجرين من إنسانيتهم، وبالتالي تجريدهم من حقوقهم. في النهاية حقوق الإنسان تتعلق بمفهومي الحقوق والإنسان (المهاجرين)، ولكن ما يحصل هو تجريد الإنسان من إنسانيته وبالتالي من حقوقه، ما يدفعهم لارتكاب الجرائم وإنكار أنها جرائم من الأساس.
للمزيد>>> الكتاب الأسود: كتاب يوثق عمليات الصد والانتهاكات بحق المهاجرين على طريق البلقان
هل تعتقد أن الحكومات الأوروبية تشرّع عمليات ”الصد القسري“ على نحو غير مباشر؟
لا، هم يشرعونها رسميا وينفذون عمليات ”الصد القسري“ على نحو مباشر، وهم من يقفون وراء سياسات الهجرة الخارجية للاتحاد الأوروبي في كل مكان ويقومون بتنسيقها بالاشتراك مع أطراف ثالثة، ويمكنهم إيقاف كل ذلك غدا إن أرادوا.
أكبر مثال هو أن حكم وكالة ”فرونتكس“ ليس بيد المفوضية الأوروبية، ولكن بيد الدول الأعضاء في الاتحاد، إذ إن لكل دولة ممثل، يشكلون جميعا مجلس الإدارة في الوكالة.
والسبب الرئيسي الذي دفعنا باتجاه المحاكم من الأساس، هو عدم وجود هيئة تحقيق مستقلة ومحايدة وحقيقية ومختصة داخل الاتحاد الأوروبي.