عائلات سورية تنتظر أخبارا عن أبنائها المحتجزين في ليبيا ممن حاولوا الهجرة بشكل غير نظامي لكن تم ضبطهم من قبل خفر السواحل. إحدى تلك العائلات تواصلت مع مهاجر نيوز لتروي معاناتها.
كثر الحديث مؤخرا عن السوريين المتواجدين في ليبيا، خاصة مع ارتفاع أعداد من تم ضبطهم في البحر من قبل خفر السواحل وإعادتهم إلى طرابلس. كما أن سفينة "جيو بارنتس" التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود قالت إنها نفذت عدة عمليات إنقاذ في المتوسط نهاية الأسبوع الماضي، شملت العشرات من السوريين الفارين من الجحيم الليبي.
للمزيد>>> أكثر من 130 غريقا قبالة ليبيا.. "ثمن أحلامهم كان حياتهم ودموع أهاليهم على خسارة أولادهم"
قريب لأحد الشبان السوريين المتواجدين في ليبيا حاليا تواصل مع مهاجر نيوز ليروي معاناة عائلته بالبحث عن أي خبر عن ابنها، خاصة وأنه تم ضبطه في البحر قبل أسابيع قليلة وإيداعه أحد السجون في العاصمة طرابلس. في ما يلي شهادة قريب ذلك المهاجر، الذي روى كيف أن العشرات من أبناء قريته في سوريا محتجزون حاليا في السجون الليبية بحجة محاولتهم الهجرة بشكل غير شرعي، وعائلاتهم تحاول استقاء خبر منهم دون أي جدوى.
سهولة جمع الأموال!
سافر أخي ومجموعة من شبان القرية إلى ليبيا منذ نحو ثلاثة أشهر بهدف إيجاد عمل هناك. سافروا بشكل نظامي من مطار دمشق. آمالهم كانت معقودة على ما سمعوه من آخرين كانوا في ليبيا في السابق، تخيلوا أن العمل متوافر وأنهم سيتمكنون من تكوين أنفسهم اقتصاديا بظرف سريع. لكن رياح الواقع عصفت بعكس أشرعة أمنياتهم وتركتنا نحن، العائلات، بحيرة وقلق قاتلين نتسول أي خبر عنهم.
عند وصولهم اكتشفوا أن إيجاد عمل بالسهولة التي كانوا يتخيلونها كان مستحيلا. أفكارهم الوردية حول جمع الأموال بسهولة لم تصمد طويلا.
لم يطل الأمر بهم كثيرا، إذ كانت الهجرة مخرجهم الوحيد من تلك الأزمة التي وجدوا أنفسهم بها.
بعد بحث لم يطل كثيرا، تعرفوا على أحد المهربين في طرابلس. أوهمهم أن رحلة الهجرة سهلة جدا، وأن كل ما عليهم القيام به هو دفع جزء من الأموال قبل الرحلة وإيفاء الجزء الآخر بعد وصولهم.
الهجرة، خفر السواحل، السجن
في الثامن من نيسان/أبريل انطلقوا في قارب كان يحمل 82 شخصا، 73 منهم سوريين. بقوا في الماء 28 ساعة قبل أن يلحق بهم زورق تابع لخفر السواحل الليبي ويعيدهم إلى طرابلس.
مع وصولهم البر، تم إيداعهم جميعا سجن غوطة الشعّال غربي طرابلس، وبعد أسبوعين نقلوا 59 منهم، من بينهم أخي، إلى سجن عين زارة.
خلال كل تلك الفترة لم يكن لدينا أي علم بما حصل مع الشبان. أحدهم ممن تمكنوا من الخروج تواصل معنا وأخبرنا بالوضع. شرح لنا الظروف المريعة التي تحيط بالشبان، قال إن هناك مرضى بينهم وإن الليبيين لم يوفروا لهم أي مساعدة.
للمزيد>>> حياة التشرد في شوارع أوروبا.. قصص مهاجرين أقاموا في إحدى حدائق باريس
مع تلك الأخبار تحولت حياتنا هنا إلى جحيم، نحاول استقاء أي تفصيل عبر مواقع التواصل عن أبنائنا. بعد بحث مضن تمكنت من إيجاد مجموعة على تطبيق الواتساب، بعض أعضائها سوريين من المقيمين في طرابلس. عبر تلك المجموعة تمكنت من التواصل مع شخص ليبي، قال لنا حينها إنه بإمكانه مساعدتنا على إخراج أبنائنا من السجن مقابل 1,200 دولار أمريكي عن كل شاب.
تداولنا بالأمر مطولا هنا في القرية، لم يكن بوسع أي منا تأمين ذلك المبلغ. الوسيط رفض مساعدتنا أو تخفيض المبلغ. استمرينا بالبحث إلى أن وجدنا شخصا آخر، قال إنه سجّان في عين زارة وإنه باستطاعته إخراج أبنائنا.
طلب السجّان مبلغ 400 دولار عن كل شخص، وأكد أن المبلغ سيشمل تكاليف إخراجهم وتزويدهم بكافة أوراقهم الثبوتية التي تمت مصادرتها منهم.
للمزيد>>> "بين زوارة الليبية ولامبيدوزا الإيطالية.. 23 ساعة كانت تفصلني عن تحقيق حلمي"
اتصلت بأحد أبناء قريتنا من المقيمين في طرابلس وأخبرته بكافة التفاصيل. حولنا له مبلغا لإخراج 16 شابا من السجن عبر حوالة مالية.
في طرابلس، تمكن ذلك الشاب من التواصل مع السجّان المفترض وذهب للقائه. كان من المفترض ألا يحصل على أي من الأموال قبل أن نتمكن من التحدث مع أبنائنا. لكن ما حصل أثبت بعض شكوكنا، فالسجّان المفترض كان نصابا ولم يكن لديه أدنى فكرة عن كيفية إخراج الشبان من السجن...
الأخبار كثيرة، منها الحقيقي ومنها الكاذب، لكننا كعائلات نحاول التمسك بأي خبر على أمل أن يجلب لنا أي تفصيل عن أبنائنا. هؤلاء الشبان مازالوا صغارا في السن، أعمارهم تتراوح بين 15 و19 عاما، كل ما حاولوا تحقيقه هو حياة أفضل لهم ولنا.
لا نطالب بالكثير، كل ما نريده هو معرفة أخبارهم والاطمئنان لأوضاعهم، هل هذا كثير؟