المهاجرون عالقون على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس/آب 2021 بالقرب من قرية أوسنارز جورني البولندية
المهاجرون عالقون على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا في 19 أغسطس/آب 2021 بالقرب من قرية أوسنارز جورني البولندية

طعام وكهرباء لشحن الهاتف وتدفئة، هي بعض الأشياء البسيطة التي يقدمها بولنديون متطوعون على الحدود البولندية البيلاروسية للمهاجرين عبر مبادرة "الضوء الأخضر". وسموا منازلهم بضوء أخضر، ليتجه نحوها بعض من المهاجرين الـ 15 ألف العالقين هناك والمحتاجين للمساعدة.

إنها قصة إيجابية نادرة الحدوث بالنسبة للمهاجرين العالقين في المنطقة الحدودية بين بولندا وبيلاروسيا. هي مبادرة أطلقها محامٍ بولندي يعيش بالقرب من الحدود، بهدف مساعدة المهاجرين الذين عبروا بشكل غير نظامي إلى بولندا من بيلاروسيا.

"المنزل المضاء بضوء أخضر مساءً، هو مكان ستجد فيه المساعدة في حالات الطوارئ"،حسب ما توضحه صفحة Green Light على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، التي تم إنشاؤها في 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. وتقدم الصفحة معلومات بالإنجليزية لجمهورها من المهاجرين المحتاجين للمساعدة، بالإضافة إلى أربع لغات أخرى: البولندية والعربية والكردية والفرنسية.

المحامي كاميل سيلر، ناشد جيرانه في قرية دوبيتشي سيركيوين في شمال شرق بولندا، لتركيب ضوء أخضر وتشغيله لإعلام المهاجرين بأنه يمكنهم تلقي الطعام ومساعدات طارئة أخرى. ووفقًا لسيلر، فقد عرّض العديد من المهاجرين أنفسهم للخطر عن غير قصد، من خلال البقاء في الغابات خلال الطقس البارد بدلاً من طلب المساعدة من السكان المحليين، لأنهم يخشون إعادتهم إلى بيلاروسيا، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية العامة بي بي سي.

في المنطقة الحدودية حيث يتواجد آلاف المهاجرين العالقين، تم العثور على سبعة منهم قتلى بالقرب من الحدود في الأسابيع الأخيرة. من المحتمل أن يكونوا قد ماتوا بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم"، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية.

"يجب أن نتسم بالإنسانية"

وفي حديثه لصحيفة Wyborcza البولندية، قال المحامي سيلر إن المهاجرين القادمين إلى المنازل يمكنهم الحصول على وجبة، وتغيير الملابس، والحصول على الإسعافات الأولية، ويمكنهم شحن هواتفهم لاستمرار تواصلهم مع أهاليهم.

تؤكد ملاحظة على صفحة المبادرة على فيسبوك "لن نساعدك على الاختباء أو السفر لمسافة أبعد. سنساعدك فقط على البقاء على قيد الحياة، كجزء من التضامن مع شخص محتاج".

كما انتقد المحامي سيلر، الحكومة البولندية على الطريقة التي تعامل بها الوافدين على المنطقة الحدودية، وشرح أنه شعر بضرورة تقديم يد المساعدة لهم. وقال في حديثه لصحيفة Wyborcza البولندية "علينا أن نساعد هؤلاء الأشخاص الذين ينامون في البرد ويعانون من الجوع، أحيانًا يكون بعضهم جرحى ومنهم من يموتون في الغابة. سيساهم الضوء الأخضر في تلاشي خوفهم من طلب المساعدة الفورية عند الحاجة".

انتقادات للحكومة!

وقد حذر المحامي صاحب المبادرة، من أن بعض السكان قد وضعوا أضواء خضراء "لجذب" المهاجرين ومن ثم تسليمهم إلى الشرطة البولندية. كما أقر بأن المنازل ذات الأضواء الخضراء قد تجذب انتباه السلطات وتساعدهم عن غير قصد في القبض على المهاجرين.

وانتقد الناشط سلطات بلده قائلا "إن سلطات بلادنا، سنت أنظمة وقوانين صارمة ستدخل حيز التنفيذ قريبًا، وستعلن عن القيام بعمليات إعادة تعني في كثير من الأحيان موت بعض اللاجئين". "نحن سكان المنطقة الحدودية، الذين نرى المأساة الإنسانية والمعاناة بشكل مباشر، لا يجب أن نصمت، يجب أن نتسم بالإنسانية".

اتهم المتظاهرون السلطات البولندية بالتعامل بشكل وحشي وصد المهاجرين على الحدود
اتهم المتظاهرون السلطات البولندية بالتعامل بشكل وحشي وصد المهاجرين على الحدود


في هذا الصدد، تظاهر آلاف الأشخاص يوم الأحد 17 أكتوبر/تشرين الأول في العاصمة وارسو، للتضامن مع المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية الذين يتعرضون للصد من قبل السلطات البولندية. وحذر بعض المتظاهرين من أن المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل على الحدود قد يتجمدون حتى الموت. وحملوا لافتات مصنوعة من البطانيات الحرارية في إشارة لأهمية تقديم المساعدة.

في الأسبوع الماضي، شرع البرلمان البولندي عمليات الصدّ، وهي ممارسة غير قانونية انتقدت منظمات حقوق الإنسان بولندا بسببها. وقبل ذلك، أعلنت بولندا في سبتمبر/أيلول حالة الطوارئ في المنطقة الحدودية.

منطقة الحدود صارت خطيرة!

بغض النظر عن مبادرة الضوء الأخضر، لا يوجد شيء آخر يمكن أن يعتمد عليه 15000 مهاجر غير نظامي في المنطقة الحدودية. فبولندا تحاول إبعاد المهاجرين القادمين من بيلاروسيا عن طريق الحواجز الحدودية الجديدة. في الأسبوع الماضي، شرع البرلمان البولندي قانوناً يسمح للبلاد بإقامة جدار على حدودها مع بيلاروسيا.

وقد عبرت أعداد كبيرة من المهاجرين من الشرق الأوسط بشكل رئيسي إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليتوانيا ولاتفيا خلال الأشهر القليلة الماضية.

شرطة الحدود البولندية تتصدى لتدفق المهاجرين عبر بلاروسيا
شرطة الحدود البولندية تتصدى لتدفق المهاجرين عبر بلاروسيا


ويعود السبب الكامن وراء الارتفاع المفاجئ في عدد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروسيا في صراع جيوسياسي معقد. في مايو/أيار، قامت قوات الأمن التابعة للوكاشينكو بتحويل مسار طائرة ريان إير، وكان على متنها ناشط بيلاروسي متجهة من اليونان إلى ليتوانيا. نتيجة لذلك، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على بيلاروسيا.

في المقابل ، أشار لوكاشينكو إلى أن بيلاروسيا يمكن أن تنتقم من خلال تخفيف الضوابط الحدودية على المهاجرين غير النظاميين المتجهين إلى الغرب وكذلك على مجال تهريب المخدرات. وقال يوم 26 مايو/أيار "اعتدنا القبض على المهاجرين بأعداد كبيرة هنا. الآن، انسوا ذلك، سيتعين عليكم ملاحقتهم بأنفسكم".

بنيامين باتكه/ م.ب

 

للمزيد