تطورات متسارعة تشهدها أزمة المهاجرين على الحدود البولندية البيلاروسية. فقد أعلنت السلطات التركية عن منع مواطني العراق وسوريا واليمن من الصعود على متن أي طائرة متجهة إلى بيلاروسيا من أي من مطاراتها. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دخل على خط الأزمة أيضا مع إعلان الكرملين عن اتصالات مكثفة يجريها بوتين مع الأطراف المعنية، ومنها آنغيلا ميركيل التي حثها على الحوار مع بيلاروسيا. من جهة أخرى، أعلن الكرملين أن إمدادات الغاز إلى أوروبا لن تتوقف، في رد على تهديد رئيس بيلاروسيا للاتحاد الأوروبي حول عقوبات جديدة ستفرض على بلاده.
في آخر تطور على جبهة أزمة المهاجرين العالقين على حدود بولندا، أعلنت تركيا حظر سفر مواطني سوريا والعراق واليمن من مطاراتها إلى بيلاروسيا.
القرار جاء في أعقاب جولة اتصالات دبلوماسية عاجلة قام بها مسؤولون بولنديون وأتراك وأوروبيون، تهدف إلى وقف تدفق المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر حدوده الشرقية.
وأفادت هيئة الطيران المدني التركية في بيان أنه "نظرا لمشكلة العبور غير القانوني عبر الحدود بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا، اتخذ قرار بعدم السماح لمواطني العراق وسوريا واليمن، الراغبين بالسفر إلى بيلاروسيا من المطارات التركية بشراء تذاكر والصعود على متن الطائرات حتى إشعار آخر".
للمزيد>>> أزمة الهجرة على حدود بولندا - بيلاروسيا.. ما هي آخر المستجدات
وكانت شركة الخطوط الجوية التركية قد نفت الثلاثاء الماضي اتهامات بأن رحلاتها "تهيئ الوضع لتهريب المهاجرين غير الشرعيين"، وأكدت في بيان أن معلومات كهذه "لا تعكس الحقيقة".
بدورها، أعلنت شركة الطيران البيلاروسية "بيلافيا" اليوم الجمعة أن السلطات التركية منعت رعايا سوريا والعراق واليمن من الصعود على متن رحلات جوية متوجهة إلى بيلاروسيا. وقالت في بيان "بناء على قرار السلطات المختصة في تركيا، لن يُسمح لمواطني العراق وسوريا واليمن على الرحلات الجوية بين تركيا وبيلاروس" اعتبارا من الجمعة.
ويأتي هذا التطور بعد صدور عدة تقارير هذا الأسبوع تتحدث عن المزيد من الرحلات الجوية من تركيا والشرق الأوسط التي تحمل مهاجرين إلى مينسك.
كباش دولي
ويشكل الإعلان تراجعا جزئيا من جهة تركيا عن موقفها الرسمي من الخلاف المتصاعد بين بيلاروسيا وحليفتها روسيا من جهة، ودول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو قد ناقش الأزمة خلال اتصال هاتفي مع نظيره البولندي زبينيو راو الأربعاء، معربا عن "حزنه حيال المحاولات الرامية لتصوير تركيا على أنها جزء من المشكلة".
وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد اجتماعا يوم أمس الخميس لمناقشة الأزمة المتصاعدة على حدود بيلاروسيا-بولندا. وخلال الاجتماع، أدانت وفود كل من الولايات المتحدة وأوروبا "الاستغلال المنظم للبشر الذين تعرضت حياتهم ورفاهيتهم للخطر لأغراض سياسية من قبل بيلاروسيا".
واتهم ممثلو الدول مينسك بمحاولة زعزعة استقرار دول الاتحاد الأوروبي لتحويل الانتباه "عن انتهاكاتها المتزايدة لحقوق الإنسان".
من جهتها، اتهمت مينسك وموسكو دول الاتحاد الأوروبي بالفشل في الالتزام بالمعايير الدولية، من خلال منع المهاجرين المتضررين من "المغامرات" العسكرية الغربية في الشرق الأوسط، من الحصول على مأوى.
لن يتم قطع الغاز عن أوروبا
أما روسيا، فرفضت مزاعم تورطها بالأزمة، وقال الرئيس فلاديمير بوتين لأوروبا يوم الخميس إنه يتعين عليها "استئناف الاتصالات" مع مينسك إذا كانت تريد حل الأزمة.
وخلال اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية آنغيلا ميركل، هو الثاني في يومين، شدد بوتين على "أهمية معالجة أزمة المهاجرين الخطيرة في أسرع وقت"، معتبرا أن ذلك يتطلب "إحياء الاتصالات بين دول الاتحاد الاوروبي وبيلاروسيا"، وفق بيان للكرملين.
من جهة أخرى، نفى الكرملين اليوم الجمعة 12 تشرين الثاني\نوفمبر، علمه المسبق بتهديد رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو حول قطع إمدادات الغاز عن أوروبا، مؤكدا أنه لم ينسق بيانه مع موسكو.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحفيين "مصداقية روسيا كمورد بموجب العقود الحالية والمستقبلية أمر لا شك فيه."
الدول مشتبكة والمهاجرون يعيشون ظروفا "غير مقبولة" بحسب الأمم المتحدة
ويتهم الأوروبيون منذ أسابيع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بتأجيج التوتر من خلال إصدار تأشيرات للمهاجرين وإحضارهم إلى الحدود، انتقاما من العقوبات الأوروبية التي فرضت على بلاده بسبب حملة قمع المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية في 2020.
وتتزايد المخاوف بشأن مصير أكثر من ألفي مهاجر، غالبيتهم من أكراد الشرق الأوسط، عالقين عند الحدود في ظروف وصفتها الأمم المتحدة بأنها "لا تحتمل".
وأقام المهاجرون معسكرا على حدوديا، يبيتون في خيام ويعمدون لحرق الأخشاب للتدفئة.
منظمات إغاثية حذرت من كارثة إنسانية تلوح في الأفق. فرق إغاثة تابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر زارت المخيم أمس الخميس وسلّمت المهاجرين المساعدات الأساسية، لكنها حذرت من أنهم ليسوا في حالة تسمح لهم بالبقاء في المنطقة لفترة طويلة.
للمزيد>>> المهاجرون العالقون بين بولندا وبيلاروسيا.. قضية إنسانية تنذر بتحولها لأزمة سياسية
وكانت صحيفة غازيتا ويبوركسا البولندية قد أعلنت في وقت سابق عن وفاة ما لا يقل عن 10 مهاجرين على الحدود في الأشهر الأخيرة، سبعة منهم على الجانب البولندي.
من ناحيتها، منعت بولندا الصحفيين والعاملين في الجمعيات الخيرية من دخول المنطقة الحدودية بموجب قواعد حالة الطوارئ، التي كانت قد أعلنتها قبل مدة وترافقت مع نشر آلاف الجنود على طول الحدود مع بيلاروسيا، فضلا عن إنشاء سياج حدودي أيضا.
اعتداء على مهاجرين على الأراضي البولندية
في سياق متصل، أعلنت إحدى الجمعيات الخيرية المعنية بمساعدة المهاجرين في المنطقة اليوم الجمعة، أن ثلاثة مهاجرين، اثنان من العراق وواحد من سوريا، تعرضوا للضرب والسرقة أمس الخميس، على مشارف بلدة بولندية بالقرب من حدود بيلاروسيا.
ونقل أحد المهاجرين الثلاثة، وهو رجل عراقي، إلى المستشفى بعد أن ضربه أحد اللصوص على رأسه بقضيب معدني بالقرب من قرية هاغنوكا.
المهاجر السوري الذي عبر الحدود مع الرجل العراقي وزوجته، أكد تعرضهم للهجوم من قبل ثلاثة أشخاص، أحدهم كان يحمل قنينة زجاجة مكسورة.
وقال المهاجر الذي طلب عدم نشر اسمه متحدثا من خلال مترجم من منظمة "غروبا غرانيكا" البولندية غير حكومية "طلبنا منهم الماء لكن ... هاجمونا".
وأضاف "لم نعتقد أنه كان هجوما عنصريا، بل أشبه بالسرقة. لقد ضربونا للعثور على الأموال".
متطوعون من المنظمة غير الحكومية رصدوا المهاجرين الثلاثة، حيث كان المهاجر العراقي غائبا عن الوعي، وفقا لماريسيا زلونكيويتش العاملة في المنظمة.
وكان حرس الحدود البولندي أعلن اليوم الجمعة عن اعتقال مواطنين عراقيين وسوري تمكنوا من عبور الحدود، وتمت إعادتهم إلى بيلاروسيا.