يدعو تحالف جديد من المنظمات غير الحكومية في أيرلندا إلى إنهاء نظام إيواء "الدعم المباشر" المثير للجدل، والمخصص لإسكان طالبي اللجوء. قبل بضع سنوات، تعهدت الحكومة بإنهاء النظام بحلول عام 2024، لكن لا يزال أمامها طريق طويل لضمان وفائها بهذه الوعود، وفقا للمنظمات.
يعمل التحالف المسمى STAD (الوقوف ضد الدعم المباشر)، لضمان وفاء الحكومة بالتزامها بإنهاء نظام الإيواء المخصص لطالبي اللجوء والذي يدعى "الدعم المباشر" (Direct Provision) بحلول عام 2024، واستبداله بأنظمة بديلة للسكن "متوافقة مع معايير حقوق الإنسان" بحلول عام 2024.
يطالب التحالف، الذي انطلق في 26 كانون الثاني/ يناير الماضي، بإغلاق جميع مراكز إيواء الطوارئ وتقليص أوقات معالجة طلبات الحماية الدولية وطلبات الاستئناف. ويسعى أيضا إلى ضمان منح هيئة المعلومات الصحية والجودة في أيرلندا (HIQA) تفويضا لإجراء عمليات تفتيش مستقلة لمراكز الإيواء الحالية، حتى يدخل النظام الدائم الجديد حيز التنفيذ.
وتتضمن مطالب المنظمات زيادة المساعدات المادية اليومية لطالبي اللجوء، وإتاحة الحق في العمل بعد ثلاثة أشهر، إضافة إلى تقييم شامل للأشخاص الذين لديهم وضع خاص (أو في حالة هشة مثل القاصرين غير المصحوبين بذويهم والمرضى..).
ماذا يعني نظام "الدعم المباشر"؟
أنشأت أيرلندا هذا النظام في عام 1999 استجابة للارتفاع الملحوظ في عدد طالبي اللجوء لديها.
وفقا لهذا النظام، يحصل طالبو اللجوء على مكان إقامة، ووجبات محددة يوميا في مقصف، وبدل أسبوعي قدره 38.80 يورو لكل شخص بالغ و 29.80 يورو لكل طفل، إضافة إلى بطاقة طبية. الدولة الأيرلندية ملزمة قانونا بمنح المهاجرين مكان إقامة بينما يعالج مكتب الحماية الدولية (IPO) طلبات اللجوء الخاصة بهم.
تقع بعض مراكز الإقامة في مناطق ريفية نائية، بعيدة عن وسائل النقل. ويعيش المهاجرون في أماكن إقامة مشتركة، حيث يتشارك بالغون غرفا تضم ما يصل إلى ثمانية أشخاص من خلفيات وجنسيات مختلفة. ولديهم أوقات محددة للخروج والدخول.
حتى شباط/فبراير 2018، لم يكن لطالبي اللجوء الحق في العمل في إيرلندا، على عكس معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ورغم تعديل القانون، لا تزال القيود سارية ولا يحق لغالبية الأشخاص الذين يعيشون في مراكز الدعم المباشر الحصول على عمل.
البقاء في المراكز لفترات تصل إلى 12 عاما
يوجد حاليا أكثر من 7 آلاف شخص يعيشون في مراكز الدعم المباشر في أيرلندا. بينما كان الهدف الأساسي من هذا النظام هو إيجاد حل مؤقت، لكن العديد من الأشخاص اضطروا إلى العيش في هذه المراكز لسنوات عدة. إذ يبلغ متوسط مدة الإقامة 24 شهرا، لكن بعض الأشخاص بقوا لفترة تصل إلى 10 أو 12 عاما في هذه الظروف.
لطالما انتقدت الجمعيات الداعمة لحقوق المهاجرين هذا النظام، بسبب طول المدة التي يقضيها الأشخاص في هذه المراكز أثناء معالجة طلبات لجوئهم وكذلك بسبب ظروف العيش في المراكز. تعتقد الجماعات الحقوقية أن النظام المؤسسي الحالي يخلق حواجز أمام الاندماج، ويساهم في ضعف الصحة العقلية والبدنية ويؤدي إلى الإقصاء الاجتماعي.
تنتقد مديرة جمعية "ناسك" Nasc فيونا فين عدم إحداث السلطات تغييرات جادة، وقالت في حديثها على إذاعة RTE في 26 كانون الثاني/يناير "نقدّر الطموح لإنهاء هذا النظام بحلول عام 2024، لكننا لم نشهد أي تغييرات حقيقية ملموسة لبدء التحرك نحو تفكيك النظام الحالي وإنشاء نظام إسكان جديد لطالبي اللجوء ".
التحالف يحث على إغلاق المراكز بحلول عام 2024
مسؤول الحملات في منظمة العفو الدولية في أيرلندا تيم هانلي، أوضح خلال حديثه مع مهاجرنيوز أن هذا النظام يواجه انتقادات، بسبب "ظروف العيش غير الملائمة، والنظام المؤسسي والافتقار إلى الدعم المناسب، وفترات انتظار طويلة تترك الناس في طي النسيان لسنوات"، منبها من أن لذلك تأثيرات على "صحتهم الجسدية والعقلية وخصوصيتهم وكرامتهم، وذلك أمر غير مقبول بتاتا".
كما أوضح الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين الأيرلندي نيك هندرسون، أن تحالف المنظمات (STAD) يعمل مباشرة مع الأشخاص الذين يعيشون في مراكز الإقامة، واصفا هذا النظام بأنه فشل كليا.
وقال هندرسون "كتحالف، نعمل على مساءلة الحكومة الأيرلندية بشكل صارم حيال وعدها بإغلاق المراكز بحلول عام 2024. ويمكن أن يضمن تعاوننا إنهاء هذا النظام خلال العامين المقبلين".
تدير غالبية مراكز التزويد المباشر متعاقدين من القطاع الخاص على أساس ربحي، نيابة عن الدولة. كسبت تلك الشركات أكثر من 1.6 مليار يورو منذ عام 1999، وفقا للأرقام التي قدمتها وزارة الأطفال الأيرلندية حول التكلفة الإجمالية لسكن طالبي اللجوء بين عامي 1999 و2020.
وبعد نشر تقرير حقوقي في تشرين الأول/أكتوبر 2020، اعترفت الحكومة الأيرلندية أخيرا بأن نظام الإسكان الحالي غير مناسب ويجب استبداله.
ويعتبر المتحدث باسم جمعية لطالبي اللجوء "MASI"، بوليالاني مفاكو، أن التحالف الجديد سيكون منصة مهمة للمجتمع المدني لإدانة نظام الإسكان علنا. مضيفا "دافعت الدولة الأيرلندية عن هذا النظام المقيت على مدى عقدين من الزمن، متجاهلة انتقادات طالبي اللجوء ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية".
القليل من التغييرات الحقيقية
وبعد إجراءات فرضتها لجنة حقوق الإنسان والمساواة الأيرلندية، أصبح حاليا بإمكان الأشخاص الذين يعيشون في المراكز الوصول بشكل أفضل إلى التعليم، ويمكنهم الحصول على رخصة قيادة، وإنشاء حساب مصرفي باسمهم.
وتعتبر فيونا فين أن الحكومة لم تف بوعودها بإنهاء وضع طالبي اللجوء في مراكز سكن الطوارئ، "يعيش حاليا ما لا يقل عن 1,646 شخصًا في أماكن إقامة طارئة في جميع أنحاء أيرلند ".
وأضافت "قالت الحكومة إنها ستقدم تقييما مناسبًا للحالات الهشة ولكن ذلك لم يحدث في جميع أنحاء أيرلندا. حاليا، تستقبل الأسر الحاضنة القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين قدموا إلى أيرلندا. ولكن فور بلوغهم 18 عاما، يُنقلون مباشرة إلى مراكز الدعم".
غرد وزير المساواة الأيرلندي رودريك أوغرمان ردا على إطلاق تحالف المنظمات، قائلا: "تشترك المنظمات غير الحكومية والحكومة في الهدف نفسه: إنهاء مراكز الدعم المباشر بحلول عام 2024. سنلتقي بالمنظمات غير الحكومية لإطلاعهم على التقدم المحرز في إنهاء النظام، وسنقدم تحديثا إلى مجلس الوزراء الشهر المقبل".
خلال العام 2020، بلغ عدد طالبي اللجوء في أيرلندا 1,566. وخلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، تقدم 1,808 بطلب لجوء، وفقا لأرقام مكتب الحماية الدولية (IPO). وكان متوسط فترة معالجة طلبات اللجوء في عام 2020 هو 17.6 شهرا، و 23 شهرا للحالات التي انتهت السلطات من دراستها في آخر 2021.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان "لأكثر من 21 عاما، كان نظام الدعم المباشر في أيرلندا فضيحة لحقوق الإنسان. فشل نظام الإسكان تماما في الوفاء بالتزامات أيرلندا في مجال حقوق الإنسان تجاه الأشخاص الذين يسعون للحصول على الحماية. مر 21 عاما من الأذى والتهميش، و21 عاماً من الحياة معلقة".
على الرغم من ترحيبهم بالتزام الحكومة المعلن بإنهاء النظام ، يعتقد تحالف المنظمات أنه لا يزال أمام الدولة الأيرلندية طريق طويل لضمان وفائها بهذه الالتزامات ويجب أن يحمي البديل المقترح حقوق الأشخاص.
* STAD هو تحالف من ثماني منظمات: Nasc و Amnesty International Ireland و Crosscare Refugee Project و Cultúr و Doras و Immigrant Council of Ireland و Irish Refugee Council و MASI (حركة طالبي اللجوء في أيرلندا).