يعيش عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين في سويسرا: حقوق  الصورة: picture alliance / روبرت هاردينج
يعيش عشرات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين في سويسرا: حقوق الصورة: picture alliance / روبرت هاردينج

في أكبر مدينة في سويسرا، تعتبر حالات الزواج أو تلقي بريد مسجل أو الإبلاغ عن جريمة أنشطة مستحيلة لآلاف المهاجرين الذين ليس لديهم وضع قانوني. لكن اليوم أصبحت توجد بطاقة هوية جديدة لغير المسجلين لتغيير ذلك الوضع.

نجح الأمر في نيويورك ، فلماذا لا ينجح في زيورخ؟ كانت هذه إحدى الحجج في الحملة المضنية لإنشاء بطاقة هوية المدينة في أكبر مدينة في سويسرا..زيورخ.

 نجحت الحملة، وتمت الموافقة على "بطاقة مدينة زوري" بهامش ضئيل في استفتاء الشهر الماضي.

يقول مؤيدوا الحملة إن بطاقة Züri City Card ستفيد الجميع في المدينة، لكنها وبشكل خاص تعد أخباراً سعيدة للمهاجرين غير المسجلين. إذ لأنه ولأول مرة سيتمكن الأشخاص الذين يعيشون في زيورخ من دون وضع قانوني - أو ما يسمى بـ "Sans Papiers" - من الحصول على هوية رسمية.

وبذلك يصبح لديهم على الأقل شكل من أشكال تحديد الهوية بما لا يعرضهم لخطر الترحيل، فضلاً عن تمكينهم من القيام بأمور بسيطة مثل تلقي خطاب مسجل.

تمت الموافقة على بطاقة زيورخ في استفتاء جرى في 15 مايو 2022 بأغلبية صغيرة
تمت الموافقة على بطاقة زيورخ في استفتاء جرى في 15 مايو 2022 بأغلبية صغيرة

من هم الأشخاص الذين لا يحملون أوراقاً بسويسرا؟

يتراوح عدد الأشخاص الذين ليس لديهم وضع قانوني - أو ما يسمى بـ "Sans Papiers" - بين 100 ألف و 300 ألف شخص، منهم حوالي 10 آلاف في زيورخ وحدها معظمهم من النساء.

وقد يرجع ذلك الوضع إلى عدة أسباب منها أن بعضهم لم يحصل على تصريح إقامة مطلقًا، مثل أولئك الذين وصلوا بتأشيرة سياحية ثم تجاوزوا المدة بعد انتهاء صلاحيتها، وكذلك الأشخاص الذين يصلون من دون تأشيرة، مثل المهاجرين الذين يعبرون الحدود عبر طرق غير نظامية من إيطاليا أو فرنسا دون التسجيل كطالبي لجوء في سويسرا.

أيضاً من تلك الحالات الشخص الذي تم رفض طلبه للانضمام إلى الأسرة في سويسرا ولكنه انضم إليهم رغم ذلك. ينطبق هذا أيضاً بشكل أساسي على الأطفال الذين يتمتع آباؤهم بالحق في الإقامة ولكنهم لا يستوفون معايير لم شمل الأسرة، مثل الراتب الكافي أو مساحة المعيشة. ويشمل أيضًا أفراد الأسرة الأكبر سنًا مثل الأجداد الذين تم إحضارهم إلى سويسرا على الرغم من عدم تأهيلهم للم شملهم.

تشمل حالات Sans Papiers "أو الإقامة الثانوية" أولئك الذين فقدوا الحق في العيش في سويسرا، مثل المهاجرين الذين سحبت سلطات الهجرة في الكانتونات تصاريحهم من نوعي "B" أو "C" (الإقامة أو تسوية الوضع) لأنهم بدأوا في تلقي المزايا الاجتماعية؛ المتدربون السابقون (الذين فقدوا إقامتهم مباشرة بعد الانتهاء من فترة تدريبهم) ؛ وطالبي اللجوء المرفوضين الذين لا يمكن ترحيلهم.

"نحن نسافر على الترام نفسه، ونسبح في النهر نفسه... نأكل من أطباق غسلناها سوياً ، ونجلس في دورات مياه قمنا بتنظيفها .. وما زلنا غير مرئيين لك ، لأننا لا نحمل وثائق!"

بيان صادر عن Sans Papiers لدعم الحصول على بطاقة Züri City Card

العيش من دون أوراق

من دون وضع قانوني، تعيش عائلة بلا أوراق في سويسرا في حالة خوف دائمة ، كما تقول بيا شواغر ، التي تترأس مبادرة Sans Papiers Anlaufstelle (نقطة الاتصال - الإقامة الثانوية - SPAZ) في زيورخ.

وتكمن إحدى المشكلات التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص بهذا الوضع في أنه من غير المرجح أن يقوم من شهد اعتداءً عنيفًا - أو وقع ضحية للعنف - بإبلاغ الشرطة بالأمر، خاصة إذا كان يخشى أن يتم ترحيله من سويسرا نتيجة لاكتشاف وضعه. كما لا يمكن للمهاجرين غير المسجلين الحصول على بريد مسجل باسمهم، لأن ذلك يتطلب منهم إبراز جواز سفر ساري المفعول.

لا يمكن للشخص بوضعية Sans Papiers حتى التقدم للإفادة بشهادته إذا ما كان شاهداً على حادث ما، إذ يجب عليهم إظهار بطاقة الهوية. أيضاً الزواج بالنسبة لهم هو أمر مستحيل، إذ يحتاج الشخص لذلك إلى نموذج موقع من المالك يؤكد مكان إقامته.

ويخشى البعض أيضاً الذهاب إلى الطبيب خوفاً من "اكتشاف الأمر" ، أو قد يحجم بعضهم عن تسجيل طفل في روضة الأطفال، كما لا يمكنه الحصول على تدريب مهني. أما الآن فسيكون كل ما سبق أمرًا ممكنًا للجميع في زيورخ ، بغض النظر عن حالة الهجرة الخاصة بهم ، بشرط عدم وجود قيود على التقدم للحصول على بطاقة سيتي كارد.

لكن لن يكون من السهل تداول البطاقة، إذ كانت هناك حجج شرسة من جانب الرافضين لإصدارها. يجادل بعض المعارضين بأن البطاقة يجب أن تنطوي على مزايا لجميع سكان زيورخ ، وليس فقط المهاجرين غير النظاميين. وقال آخرون إن هناك بالفعل طريقة يمكن للمهاجرين غير المسجلين من خلالها تقنين وضعهم في سويسرا من خلال التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة من فئة "hardship permit"

لكن في الواقع ، قلة من الناس يسلكون هذا الطريق. كما قالت شواغر لموقع ريبوبليك Republik الإخباري المستقل، كثيرًا ما تنصح مبادرة SPAZ عملاءها بعدم التقدم بطلب للحصول على هذا النوع من تصريح الإقامة لأنهم ، حتى لو كانوا مؤهلين للحصول عليه، فعادة ما يكون ذلك سبباً لتعرض من ليس لديهم وضع إقامة قانوني Sans Papiers لكثير من المشكلات.

وتقول شواغر: "يجب على هؤلاء الأشخاص الكشف عن كل بياناتهم خلال عملية الحصول على هذا النوع من تصاريح الإقامة: جهات الاتصال والعناوين ، أرباب العمل .. وإذا تم رفض طلبهم ، فسيواجهون الطرد ويخسرون كل شيء".

المشاركون في المسيرة الأوروبية للمهاجرين غير النظاميين يعبرون الحدود من ألمانيا إلى سويسرا ، يونيو 2012
المشاركون في المسيرة الأوروبية للمهاجرين غير النظاميين يعبرون الحدود من ألمانيا إلى سويسرا ، يونيو 2012

"من دونهم.. ستكون سويسرا دولة مختلفة "

غادر العديد من الأشخاص بوضعية Sans Papiers بلدانهم هربًا من الصراع أو الفقر واستقروا في سويسرا. ​​لم تكن طرق الهجرة للعمالة الماهرة مفتوحة أمامهم، ونتيجة لذلك يقيمون في سويسرا بشكل غير قانوني. لكن على الرغم من عدم تمتعهم بالحق في الإقامة ، فمن دونهم، كان اقتصاد البلاد سيصبح في حالة انهيار، بحسب ما يقول موقع المبادرة على الإنترنت.

وتقوم هذه الشريحة من المهاجرين وطالبي اللجوء بالكثير من أعمال البناء والحصاد وأعمال التنظيف في سويسرا، وذلك في مقابل القليل من المال في كثير من الأحيان. تقول ماريان بليتشر، مخرجة أفلام سويسرية ومؤلفة كتاب جديد يعرض حالة المهاجرين غير النظاميين الذين يعملون كعمال نظافة في جميع أنحاء سويسرا، إنها ستكون دولة مختلفة من دون هؤلاء المهاجرين الذين يحافظون على نظافتها.

وفي كتابها بعنوان "من ينظف سويسرا؟" ، تتجنب بليتشر تقديم الشخصيات العشرة الذين تعرض حالتهم على أنهم "ضحايا"، لكنها تقول أيضًا إن الظروف قد تكون قاسية للغاية بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين. وقالت بليتشر لمحطة الإذاعة الألمانية العامة دويتشلاند فونك: "لقد أردت أن أبين للناس مدى صعوبة هذا النوع من الحياة في سويسرا"، "لأن القواعد الأساسية الهجرة في سويسرا مقيدة إلى حد ما كمثيلتها في ألمانيا".

هل ستغير "بطاقة مدينة زيورخ" الوضع القانوني للمهاجرين الذين عرضت حالاتهم في كتاب بليتشر؟ لا .. هذا ما يعترف به ببيتر نيدروست، عضو جمعية بطاقة المدينة. لكن بيتر الذي يعمل محامياً في زيورخ أخبر موقع ريبوبليك Republik ، إن البطاقة ستؤدي على الأقل إلى الاعتراف بالمهاجرين غير المسجلين ككيان واقعي وجزء من سكان المدينة.

ماريون ماكجريغور/ع.ح.

 

للمزيد