كنان شحود على خشبة مسرح المدينة في بيروت
كنان شحود على خشبة مسرح المدينة في بيروت

كنان شحود، عازف عود لطالما سحرته الموسيقى منذ نعومة أظفاره. تتلمذ على أيدي موسيقيين كبار، وسعى في كافة جوانب مسيرته الموسيقية إلى تطوير مهاراته واكتساب معارف جديدة تخوله وضع بصمته الخاصة في هذا العالم الساحر والمبدع. "مهاجر نيوز" تحدث إلى هذا الفنان الشاب وعاد إليكم بهذه المقابلة.

وصل كنان شحود إلى بيروت منذ ما يقارب السنتين حاملا معه العود والأمل بتحقيق نجاح ما، وسط فوضى الهزائم والانكسارات التي تعرض لها السوريون في الأعوام الستة الفائتة. يبلغ كنان من العمر 33 عاما، وهو من مواليد العاصمة السورية دمشق. يقول كنان "ولدت في بيت للموسيقى فيه مكانة خاصة، كان أبي يعزف على العود وكنت انا أستمع إليه بشغف، وكان لوالدي دور حاسم في تعلمي العزف ودراسة الموسيقى فيما بعد. كان أبي الداعم الأكبر لي".

في سوريا، انتقل كنان إلى مدينة حمص من أجل متابعة دراسته في كلية الموسيقى؛ وهناك ألف أول مقطوعة موسيقية له باسم "حنين" أهداها لمدينة حمص.

أثناء دراسته في الجامعة، أتيح لكنان السفر إلى مصر، "عام 2007 تمكنت من المشاركة بورشة تدريبية في مصر استمرت ثمانية أشهر مع الفنان العراقي نصير شمة، عازف العود والرجل النبيل الذي تعلمت منه الكثير، لم يبخل يوما بتعليمي أي شيء... كنا نعزف العود معا حتى الصباح"، يقول كنان حول تجربته في مصر.

تخرج كنان من الجامعة عام 2011 بالتزامن مع اندلاع الصراع في سوريا، وكانت البلاد في تلك الأيام تشهد مرحلة تحولات عميقة. مع استمرار الصراع، بات من المحال استكمال الدراسة أو أي مشاريع أخرى، وكان الرحيل هو الحل المتاح. يقول كنان "تقع جامعتي في حي بابا عمر في مدينة حمص، وهو أحد أكثر الأحياء عنفا في مدينة حمص التي كانت قد شهدت صراعات عنيفة بين قوى المعارضة ونظام الأسد. حاولت جاهدا البقاء في سوريا لكنني لم أستطع أن أكمل مشروع التخرج الجامعي تحت القصف والاشتباكات المسلحة وحواجز التفتيش، فكانت مغادرة البلاد هي الحل، والوجهة هي لبنان، إلى العاصمة بيروت".

ما إن وصل إلى لبنان حتى سارع كنان إلى إجراء امتحان في الكونسرفاتوار حيث أذهل لجنة التحكيم بعزفه الجميل، وتم وضعه في السنة الخامسة مباشرة، وهي مرحلة متقدمة في التعليم. يقول كنان "إن التجربة الموسيقية في بيروت أوسع وأغنى من مثيلتها في سوريا. وعلى الرغم من كل المتاعب والعنصرية التي تواجهنا نحن السوريين في لبنان، إلا أنني كنت قادرا على إثبات نفسي بفضل دعم الموسيقيان شربل روحانا وأنطوان خليفة"، ويضيف "في بيروت تعلمت العزف الجماعي، حيث يرافقني على العود آلة بزق وكمان ومجموعة أخرى من الآلات الموسيقية، أما تجربتي في بيت العود العربي في مصر فقد علمتني العزف المنفرد، سولو".

أنشأ كنان فرقة "نَول" التي قامت بأداء عروض موسيقية على مسرح مترو المدينة في بيروت، وهناك تمكن من عزف مقطوعته "حنين" لأول مرة بعد أن كان مضى على تأليفها نحو خمس سنوات. كما أنشأ فرقة أخرى باسم "أبيض أسود"، ويأمل أن يقوم قريبا بإصدار ألبومه الأول.

"لكن الأوضاع في بيروت صعبة جدا"، يقول بصوت مرتجف، ويضيف بأنه بحاجة دعم معنوي ومادي ليكون قادرا على تنفيذ أحلامه وطموحاته.

يتابع كنان مسيرته التعليمية والمهنية في بيروت، وينهل من تجربة المدينة الموسيقية والفنية بكل ما أوتي من شغف، وينتظر بفارغ الصبر حصوله على فرصة تجعل من إبداعاته واقعا ممكنا. يقول "لطالما نظرت إلى بيروت باعتبارها عاصمة الإبداع ومتنفس للفنانين، إلا أن بيروت اليوم تبدو أنها على مقربة كبيرة من الصراع الدائر في سوريا، وبات المكان يضيق فيها تدريجيا وهو ما جعلني أفكر جديا بمغادرتها والبحث عن مكان آخر تبدو فيه الحياة أكثر أمانا وأقل قسوة. وبانتظار تلك اللحظة، لا يسعني سوى المثابرة على تطوير مهاراتي الموسيقية".

 

للمزيد