قارب يحمل 280 مهاجرا، عالق بين مالطا وإيطاليا، ركابه يناشدون السلطات اللبنانية للتدخل لدى السلطات المعنية لإنقاذهم. هذا الخبر نقلته وسائل إعلامية عدة، استنادا إلى اتصال أجراه أحد هؤلاء المهاجرين معها. وبهذا، يبدو أن الهجرة من لبنان باتت ظاهرة وهدفا للكثيرين ممن لم يعودوا قادرين على تحمل أكلاف المعيشة هناك، ولا يملكون الوسائط المناسبة للسفر بشكل قانوني.
يبدو أن قوارب الهجرة باتت واقعا وظاهرة في لبنان، مع ورود الأخبار اليومية عن قوارب تحمل عشرات المهاجرين وصلت إلى أوروبا، أو علقت في منتصف الطريق، أو تم اعتراضها من قبل دوريات بحرية تابعة للجيش اللبناني.
في هذا الإطار، أوردت إحدى المحطات الإخبارية التلفزيونية اللبنانية خبرا ليل أمس الإثنين 12 أيلول\سبتمبر، قالت فيه إن شخصا ما على متن قارب يحمل 280 مهاجرا، كان قد انطلق من السواحل اللبنانية وهو الآن عالق في مكان ما بين مالطا وإيطاليا.
للمزيد>>> بين مالطا واليونان وسفينة تجارية مصرية.. ما مصير عشرات المهاجرين العالقين في المتوسط؟
الخبر الذي نشرته المحطة على موقعها الإلكتروني أفاد بأن "القارب على متنه 280 مهاجراً بينهم أطفال ونساء حوامل، وأن الركاب عالقون على متنه دون ماء وطعام منذ ثلاثة ايام في البحر بين إيطاليا ومالطا". المتصل "ناشد وزارة الخارجية اللبنانية التدخل مع الدول المعنية لإنقاذهم".
مصدر أمني لبناني لم يستبعد أن يكون القارب قد انطلق بالفعل من لبنان دون أن يتم رصده، خاصة وأن شبكات التهريب باتت تعمل بطرق سرية للغاية.
المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته قال إنه مؤخرا بات هدف الرحلات إيطاليا، "والمسافة الفاصلة بيننا في البحر كبيرة جدا ومليئة بالكثير من الصعوبات والمخاطر. المشكلة الرئيسية تكمن في أن القوارب المغادرة بمعظمها غير صالحة للقيام بمثل هذه الرحلة، إضافة إلى افتقار من يقودونها للخبرات الملاحية الضرورية، كمعرفة خطوط الإبحار والتضاريس البحرية والإبحار خلال الأحوال الجوية السيئة".
"هاتف الإنذار" تواصلت مع ركاب القارب
عنصر آخر يضاف لتلك المشقات متعلق بطول الرحلة، التي قد تستغرق بين أسبوع و12 يوما. فلاجتياز تلك المسافة، يجب أن تحمل القوارب مخزونات كافية من مياه الشرب والطعام واحتياجات الأطفال إن وجدوا، لكن مع اكتظاظ القوارب تبقى المساحات المخصصة لتخزين تلك البضائع صغيرة للغاية، وبالتالي من المرجح أن يواجه المهاجرون نقصا حادا بمياه الشرب أولا ثم الطعام، ما يضع الفئات الأكثر ضعفا بينهم، كالأطفال، عرضة لمخاطر جسيمة.
منصة "هاتف الإنذار"، وهي منظمة غير حكومية تدير خطا ساخنا لمساعدة المهاجرين الذين يواجهون صعوبات في المتوسط، أوردت أن هناك 250 شخصا في المياه المالطية يتواجدون على متن قارب انطلق من لبنان قبل نحو أسبوع ويعاني من نقص في الوقود.
أحد المهاجرين على متن القارب اتصل بالمنصة وزوّد القيمين عليها بتلك المعطيات.
للمزيد>>> قوارب جديدة تغادر السواحل اللبنانية باتجاه إيطاليا
وجاء في تغريدة لـ"هاتف الإنذار" أن "الأطعمة والمياه استنفدت قبل يومين. الشخص الذي اتّصل قال إن طفلته رضيعة في شهرها الثالث ماتت للتو من العطش".
قارب آخر ومعلومات متضاربة
وفي سياق متصل، قالت كيارا كاردوليتي، ممثلة مفوضية اللاجئين في إيطاليا، في تغريدة على حسابها على تويتر إن "ستة مهاجرين بينهم أطفال ونساء ومراهقون فارقوا الحياة في البحر (البحر). ماتوا من العطش والجوع والحروق الشديدة".
تغريدة كاردوليتي كانت تشير إلى قارب يحمل أكثر من 30 شخصا، معظم من على متنه يعانون من وضع صحي "شديد الخطورة". وأضافت "هذا الأمر غير مقبول... إن تعزيز (عمليات) الإنقاذ في البحر هو السبيل الوحيد لتجنب هذه المآسي".
وبين الضحايا طفل في عامه الأول وآخر في عامه الثاني وفتى يبلغ 12 عاما وثلاثة بالغين بينهم جدّة وأم معها أولادها الذين نجوا، وفق بيان المفوضية السامية للاجئين، الذي أورد أن الناجين الـ26 يتلقون العلاج حاليا في بوتسالو في صقلية، دون التطرق إلى هوياتهم أو البلد الذي انطلقوا منه.
المعلومات هنا تتضارب بعض الشيء مع المعطيات التي زودت "هاتف الإنذار" مهاجر نيوز بها. موريس، أحد المتطوعين في المنصة، قال إن هذا القارب لم يصل إلى إيطاليا، وإن ركابه قد تم إنقاذهم وإنزالهم في ليبيا.
المتطوع في المنصة الإنسانية استغرب أن يتم نقل هؤلاء المهاجرين إلى ليبيا، على الرغم من كونهم قادمين من تركيا.
428 مهاجرا على متن "سي ووتش 3"
وشهد المتوسط خلال الأيام الأخيرة حركة نشطة للسفن الإنسانية المنتشرة في مناطق البحث والإنقاذ، حيث تم إغاثة المئات من المهاجرين.
منظمة "سي ووتش" غير الحكومية على سبيل المثال، قالت إن هناك 428 شخصا على متن سفينة "سي ووتش 3" التابعة لها، ينتظرون تحديد ميناء لاستقبالهم.
وبحسب وكالة حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية "فرونتكس"، سلك أكثر من 42 ألفا و500 مهاجر المسار الأوسط لعبور البحر المتوسط بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو، أي بزيادة قدرها 44% مقارنة بالأشهر السبعة الأولى من العام 2021.
وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قضى 1200 شخص في المتوسط منذ مطلع العام.