عثرت السلطات في مدينة صبراتة الليبية على قارب على أحد سواحل المدينة أتت عليه النيران بالكامل. السلطات المعنية أعلنت أنه تم العثور على جثث 15 مهاجرا داخل القارب، معظمهم قضى بالحريق. الأمم المتحدة أدانت بدورها تلك الجريمة، التي أرجعتها إلى "اشتباك بين مجموعات تهريب"، مطالبة السلطات بتحقيق سريع وشفاف حولها. أما مجموعة "لاجئون في ليبيا" فأكدت أنه يتم العثور على جثث على ساحل صبراتة بشكل شبه يومي، "لو لم يتم حرقهم هذه المرة لما تكلم أحد عن جثث هؤلاء المهاجرين".
استفاقت مدينة صبراتة الليبية الساحلية صباح الجمعة السابع من تشرين الأول/أكتوبر، على جريمة شنيعة على أحد شواطئها. قارب خشبي كان محملا بالمهاجرين، تم إحراقه بمن فيه، في واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت بحق المهاجرين في تلك المدينة.
وتعرف صبراتة، المدينة الساحلية الصغيرة الواقعة إلى الغرب من طرابلس، بكونها منطلقا لقوارب المهاجرين المتجهة إلى السواحل الأوروبية. وكانت المدينة قد شهدت في الماضي جرائم متنوعة بحق المهاجرين، تم ارتكابها من عصابات الإتجار بالبشر، من بينها القتل، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل جريمة بهذا الحجم.
وسائل إعلام محلية أشارت إلى أن المهاجرين قتلوا نتيجة اشتباك مسلح بين مجموعتي مهربين. وتكمل أن إحدى المجموعتين قامت بإضرام النار في القارب قبل مغادرة الموقع، وكان المهاجرون مازالوا متواجدين في داخله.
مهاجر نيوز تواصل مع عدد من المهاجرين المتواجدين في صبراتة، حيث أكدوا أن الوضع العام في المدينة منذ يوم اكتشاف الجريمة غير سليم، وأن الأجهزة الأمنية الليبية مستنفرة لمعرفة المسؤولين.
أحد المهاجرين قال إن "الضحايا بمعظمهم من جنسيات أفريقية (جنوب الصحراء)، وقتلوا نتيجة الاشتباك بعد أن تم إطلاق النار عل القارب وهم بداخله".
مهاجر آخر أورد أن "ما حصل لم يكن نتيجة اشتباك بين مجموعتين، بل بسبب خلاف اندلع بين المهاجرين والمهربين أنفسهم نتيجة عدم تجهيز القارب بالشكل المتفق عليه. بعد طول جدال وتوتر، أطلق المهربون النار على القارب والمهاجرين، ثم أضرموا النار بالقارب".
اختلفت الروايات حول الحادث وسببه الحقيقي، لكن النتيجة واحدة ومشتركة بين كافة الروايات، 15 ضحية سقطوا خلال الحادث.
إدانة أممية
من جهتها شجبت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الواقعة، وقالت في بيان إن تلك المأساة "تذكّر بشكل وحشي بنقص الحماية الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، فضلا عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق (بحقهم) التي ترتكبها شبكات قوية من المتاجرين والمجرمين".
وأضاف بيان المنظمة الأممية "على الرغم من أن الظروف لم تحدد بعد، يعتقد أن عمليات القتل نتجت عن اشتباكات مسلحة بين متاجرين بالبشر متنافسين"، داعية السلطات الليبية إلى "ضمان إجراء تحقيق سريع ومستقل وشفاف لتقديم الجناة إلى العدالة".
مجموعة "لاجئون في ليبيا" (Refugees in Libya)، وهي مبادرة مشكلة من لاجئين ومهاجرين في ليبيا تعنى بمتابعة أخبار الهجرة واللجوء هناك إضافة إلى الانتهاكات التي تتعرض لها تلك الفئة في المدن الليبية، أكدت أنه يتم اكتشاف جثث على الشاطئ بشكل شبه يومي، "ربما يكون المهربون قد ألقوا بها في البحر. لو لم يتم حرقهم هذه المرة لما تكلم أحد عن جثث هؤلاء المهاجرين".
"على السلطات الليبية أن تتوقف عن خداع الجمهور"
وخلال مكالمة هاتفية، قال ناطق باسم المجموعة إن هناك "ستة ناجين من الحادث موجودين في مستشفى في طرابلس، وهناك آخرون متوارون عن الأنظار خوفا من العصابة، حيث أنهم كانوا شهودا على ما حدث".
المتحدث أوضح أن التواصل مع الناجين كان صعبا للغاية، "حيث تمت مصادرة هواتف الجرحى في المستشفى، والباقون يخشون الحديث".
وفقا للمجموعة، صبراتة مدينة صغيرة للغاية ويصعب الاختباء هناك، ولا ينبغي للسلطات أن تجد صعوبة كبيرة في تحديد وتوقيف الجناة الفعليين. وجاء هذا التصريح في تغريدة على تويتر على حساب المجموعة، ردا على خبر مفاده أن السلطات اعتقلت خمسة أشخاص على علاقة بالجريمة، "هذا سخيف، تتظاهر السلطات وأجهزتها الأمنية في صبراتة بعدم وجود معلومات عن القتلة، لكنها تعتقل خمسة لاجئين أثيوبيين؟ ... على السلطات الليبية أن تتوقف عن خداع الجمهور ... ندعو إلى تحقيق فوري وواضح".
وخلال حديثه مع مهاجر نيوز، أفاد المتحدث باسم "لاجئون في ليبيا" أنه "إذا كنت ضحية للمهربين، فأنت تعامل كمجرم من قبل السلطات التي من المفترض أن تحميك. أنت متهم بالدخول غير القانوني إلى البلاد، لذلك يعيش المهاجرون هنا في خوف دائم "
فرائس سهلة
وحوّلت الفوضى التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، ليبيا إلى طريق مفضل لعشرات الآلاف من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء والدول العربية وجنوب آسيا، الساعين للوصول إلى أوروبا عبر إيطاليا.
ويعد هؤلاء فريسة سهلة لتجار البشر، الذين يعدونهم بإيصالهم للسواحل الأوروبية عبر المتوسط، في رحلات محفوفة بالمخاطر.
وتتعرض ليبيا بانتظام لانتقاد منظمات غير حكومية بسبب سوء المعاملة التي تلحق بالمهاجرين لديها، حيث وثق مهاجر نيوز العديد من الشهادات التي تتحدث عن ظروف الاحتجاز هناك وكل ما يرافقها من معاملة لا إنسانية وانتهاكات لحقوق المهاجرين.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة نشر الاثنين الماضي، تم اعتراض 14,157 مهاجراً وإعادتهم إلى ليبيا منذ مطلع العام الجاري. وأشارت المنظمة إلى أنّ ما لا يقل عن 216 شخصاً لقوا مصرعهم أثناء محاولتهم عبور المتوسط انطلاقا من ليبيا، كما تم اعتبار 724 شخصا في عداد المفقودين.