منذ بداية العام حتى الآن، وصل 17 ألف مهاجر إلى قبرص، ما يمثل ضعف عدد الوافدين في عام 2021 كله. السلطات القبرصية تقف عاجزة أمام عمليات العبور هذه، على الرغم من الإجراءات المتشددة التي اتبعتها مؤخرا، ومن ضمنها بناء السياج الشائك في المنطقة الفاصلة بين شطري الجزيرة.
أفادت وسائل إعلام قبرصية بأن المسؤولين في البلاد يعيشون حالة من العجز إزاء تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، التي تضاعفت هذا العام مقارنة بـ 2021 لتصل إلى 17 ألف مهاجر. وقالت المصادر ذاتها إن المسؤولين أقروا أمس الخميس 20 تشرين الأول/أكتوبر، بأن الأفكار حول كيفية وقف تدفق المهاجرين، نفدت لديهم.
للمزيد >>>> اللجوء في قبرص.. الإجراءات والحقوق ومواقف المنظمات غير الحكومية
تضاعف أعداد المهاجرين الوافدين إلى البلاد
في لجنة الشؤون الداخلية بمجلس النواب القبرصي، ناقش النواب قضية الأسلاك الشائكة التي تم وضعها بالقرب من المنطقة العازلة، بين الشق الجنوبي والشمالي (التركي) للجزيرة، وهي نقطة الدخول الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين.
قال كوستاس كونستانتينو، السكرتير الدائم بوزارة الداخلية، إن السياج الشائك قلل من عمليات العبور في المناطق المعنية، لكن المهربين انتقلوا ببساطة إلى نقاط عبور أخرى.
وشدد المسؤول على أن تركيب الأسلاك الشائكة أدى إلى بعض النتائج، إلا أن ذلك وحده لا يكفي للتعامل مع الوضع العام.
وعلق كونستانتينو قائلا "لم تعد لدينا خيارات"، داعيا أي شخص إلى التقدم بمقترحات.
وتحدث المسؤول عن المصالح المالية وراء تهريب المهاجرين، مستشهدا بأمثلة الخطوط الجوية التركية وشركة بيغاسوس للطيران، وهي شركة طيران تركية منخفضة التكلفة. وقال إن هذه الشركات تنقل القاصرين غير المصحوبين بشكل جماعي.
قال كونستانتينو إن تدفق المهاجرين غير الشرعيين تضاعف مقارنة بالعام الماضي، وفي غضون ذلك، تضاعف عدد القصر غير المصحوبين ثلاث مرات.
للمزيد >>>> في مركز بورنارا لتسجيل طالبي اللجوء في قبرص.. "رتابة وانتظار وسجن وضياع العمر"
مركز بورنارا
تتصاعد الضغوط في مركز استقبال بورنارا لطالبي اللجوء، حيث تحاول السلطات تقصير وقت معالجة طلبات اللجوء حتى تصبح المساحة متاحة للوافدين الجدد.
ويعتبر مركز بورنارا لاستقبال وتسجيل طالبي اللجوء في قبرص، المركز الوحيد من نوعه على الجزيرة المتوسطية. ويعيش المهاجرون فيه محاصرين بالأسلاك الشائكة والنفايات ورائحة المجاري، بالإضافة إلى عدم معرفة مصيرهم وقرار السلطات بشأنهم.
وصدر تقرير عن مفوض حقوق الطفل في قبرص، مطلع العام الجاري، استنكر الظروف المعيشية في المخيم للقاصرين. كما أدان وفد برلماني ألماني زار المركز، الظروف المعيشية هناك وطالب الحكومة ببذل الجهود لتغيير الواقع.
وزار فريق مهاجر نيوز المركز في نيسان/أبريل الماضي، وتحدث مع بعض المهاجرين المتواجدين فيه. وكان عدد طالبي اللجوء في المركز في حينه ثلاثة آلاف، على الرغم من أن سعته القصوى عند إنشائه في 2019، كانت ألف مهاجر.
قال أحد المهاجرين "الواقع هنا لن يتغير. لا نشعر بالأمان، ونضطر للدفاع عن أنفسنا بمواجهة العنف بالعنف. القاصرون بوضعية حرجة ولا أحد يأبه لهم، وضعوهم بمنتصف المخيم حرفيا. النساء يعانين من انتهاك كبير لخصوصياتهن. أما الشباب فهم ضحايا الرتابة والانتظار والسجن وضياع العمر".
للمزيد >>>> المهاجرون القاصرون في قبرص.. حياة مقسمة بين الشك والقلق والبحث عن الأمل
نتيجة لقرارات الحكومة بشأن التعامل مع تدفقات الهجرة، دخلنا في صدام مباشر مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
وفي اجتماع لجنة الشؤون الداخلية القبرصية ذاته، سلط بيتروس زينيو، من إدارة السجل المدني والهجرة بالشرطة، الضوء على أهمية تحديد مكان المهاجرين غير الشرعيين والتعرف عليهم.
هناك عائق رئيسي يتعلق بالإفلات النسبي من العقاب الذي يتمتع به المهربين، الذين حتى عند القبض عليهم وإدانتهم، تتراوح محكومياتهم بين شهرين وثلاثة أشهر في السجن فقط. في الوقت نفسه، يكسب هؤلاء المهربون مبالغ طائلة.
ذكر زينيو حالة أحد المُتجِرين، الذي احتجزته السلطات في عام 2020. اليوم، تمكن نفس الشخص من الحصول على ثلاثة زوارق سريعة أخرى، لنقل المهاجرين إلى الجزيرة في غضون ساعات فقط.
خلال المناقشة، شارك النائب أريستوس داميانو وثيقة صادرة عن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والمتواجدة في المنطقة العازلة بين قبرص اليونانية والتركية. وانتقدت الوثيقة تصرفات الجمهورية داخل المنطقة العازلة. وعلق داميانو "تشير الوثيقة إلى أن تصرفات الجمهورية تعرض سلامة المنطقة العازلة للخطر".
وتعليقا على ذلك، قال مسؤول بوزارة الخارجية إن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، غالبا ما تتصرف كما لو كانت "تتمتع بالسيادة أو الولاية القضائية المطلقة داخل المنطقة العازلة".
وعلق داميانو على عجز الحكومة الواضح عن معالجة قضية المهاجرين غير الشرعيين، وقال "لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه نتيجة لقرارات الحكومة بشأن التعامل مع تدفقات الهجرة، فقد دخلنا في صدام مباشر مع قوات حفظ السلام، والأسوأ من ذلك، دخلنا في صدام مباشر مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".