مهاجران يتتبعان سكة القطار شمال صربيا أملا بالعبور إلى هنغاريا. الصورة: دانا البوز/مهاجرنيوز
مهاجران يتتبعان سكة القطار شمال صربيا أملا بالعبور إلى هنغاريا. الصورة: دانا البوز/مهاجرنيوز

تكثف السلطات الأوروبية جهودها الرامية إلى "مكافحة الهجرة غير الشرعية" عبر فرض المزيد من الرقابة على حدودها المشتركة مع دول غرب البلقان، وتعزيز الرقابة جنوبا، لا سيما مع مقدونيا الشمالية. وتدعو النمسا المفوضية الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات مشددة جديدة من شأنها أن تثبط عزيمة المهاجرين الساعين إلى اللجوء في أوروبا، مع رصد وكالة "فرونتكس" أعداد متزايدة من محاولات العبور عبر هنغاريا والنمسا مرورا بصربيا ومقدونيا الشمالية.

فيما تتوالى الاجتماعات الأوروبية رفيعة المستوى وتستمر الجهود بالبحث عن خطة تحد من أعداد الوافدين إلى الاتحاد الأوروبي، دعا وزير الداخلية النمساوي، غيرهارد كارنر، الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطة المملكة المتحدة المثيرة للجدل بإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا نموذجا يحتذى به وأن يكون قابلا للتطبيق في دول أوروبية أخرى.

وفي ظل محاولات العبور المتزايدة إلى دول أوروبا الغربية عبر طريق البلقان مرورا ببلغاريا وصربيا وهنغاريا، ناقشت المفوضية الأوروبية في اجتماعها الأخير خطة عمل متعلقة بالهجرة عبر وسط البحر الأبيض المتوسط، لكنها لم تغفل ذكر طريق البلقان مشيرة إلى أنه سيكون هناك خطة جديدة مرتقبة.

وأشارت وزارة الداخلية النمساوية، في بيان، أنها قدمت طلبا لمقترح إرسال طالبي اللجوء إلى دولة غير أوروبية، في مجلس العدل والشؤون الداخلية الاستثنائي الأسبوع الماضي، حيث ناقش الوزراء الأوروبيون خطة العمل الجديدة.

لكن خطة ترحيل طالبي اللجوء من المملكة المتحدة إلى رواندا لم تفض إلى نتائج ملموسة حتى اللحظة، فالسلطات البريطانية تواجه عقبات قانونية تمنعها من تنفيذ الخطة، وكانت الطائرة الوحيدة التي من المفترض أن ترحل طالبي لجوء إلى رواندا توقفت قبل ساعات قليلة على موعد إقلاعها ونزل منها طالبو اللجوء، بفضل جهود محامين ومنظمات حقوقية غير حكومية.

خطة جديدة في غرب البلقان

مفوضة الشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون قالت الخميس الماضي في لقاء مع صحيفة "بوليتيكو"، إن الاتحاد الأوروبي يعمل على اقتراح للحد من التدفق المتزايد للمهاجرين الوافدين عبر غرب البلقان، وقالت "حان الوقت الآن لتقديم خطة عمل مناسبة أيضا على طريق غرب البلقان"، دون أن تحدد موعد الإعلان عن هذه الخطة.

وأشارت جوهانسون إلى أن النمسا من الدول المتأثرة للغاية من هذه الزيادة في أعداد الوافدين عبر البلقان.

وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس" رصدت خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري حوالي 128 ألف محاولة عبور على طريق البلقان، وقالت في بيانها الأخير حول هذه الأعداد أن "طريق غرب البلقان لا يزال أكثر طرق الهجرة نشاطا إلى الاتحاد الأوروبي"، مشيرة إلى أنها سجلت أكثر من 22 ألف محاولة عبور في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد المسجل العام الماضي.

ووفقا للرواية الرسمية، تقول السلطات النمساوية إنها تتحمل العبء الأكبر من هذا التدفق. إذ وصل حوالي 100 ألف مهاجر إلى البلاد منذ بداية العام، 75 ألف منهم غير مسجلين في البلدان الأخرى التي مروا بها.

وبحسب مسؤول نمساوي، وصل 40% من هؤلاء المهاجرين غير المسجلين عبر صربيا، إضافة إلى 40% أخرى جاءوا عبر دول الاتحاد الأوروبي وبلغاريا ورومانيا.

خريطة توضح طريق البلقان
خريطة توضح طريق البلقان


مباحثات جارية ورقابة معززة على الحدود

دعا الوزير النمساوي إلى تعزيز الدعم المادي الأوروبي لدعم الشرطة والحرس على الحدود، وذلك من أجل توظيف عناصر من النمسا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك في الدول الثلاث الرئيسية على طريق البلقان وهي هنغاريا وصربيا ومقدونيا الشمالية.

تهدف خطة كارنر إلى اعتماد قانون جديد للسماح بعمليات الترحيل الفوري، معتبرا أنه، مثل الإجراءات التي منحت جميع الأوكرانيين الحماية المؤقتة بدون فحص فردي، يجب ألا يخضع الوافدون من "بلدان المنشأ الآمنة" إلى الفحص الفردي لحالتهم.

يريد الوزير أيضا تسهيل ترحيل الأجانب، واقترح مشروعا تجريبيا لإجراءات اللجوء السريعة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية.

من جهتها، شددت مفوضة الشؤون الداخلية الأوروبية إيلفا جوهانسون على أن هناك أيضا إمكانية لإعادة المهاجرين إلى غرب البلقان، بسبب وجود "اتفاقيات مع هذه الدول". وذلك يعني، أن السلطات الأوروبية تدرس إمكانية إعادة المهاجرين إلى دول البلقان التي مروا عبرها قبل اجتياز الحدود الأوروبية.

 لكن جوهانسون أشارت إلى أنه من أجل تحقيق ذلك يجب تسجيل بيانات هؤلاء المهاجرين الذين يمرون في تلك الدول.

وانتقدت عدم تسجيل الوافدين، معتبرة أن ذلك "يمارس ضغطا كبيرا على دول مثل النمسا"، وأضافت "هذا ليس عدلا. لا يمكننا قبوله".

للمزيد>>>عبور صربيا.. "كلما ازداد الطريق صعوبة ازدهر عمل تجار البشر" (3/3)

تمديد الرقابة إلى الجنوب

النمسا وهنغاريا والتشيك، يعتبرون أنفسهم على "خط المواجهة" الأول في طريق غرب البلقان، ووقعت تلك الدول اتفاقيات تعاون لتعزيز الأمن على الحدود مع صربيا ومقدونيا الشمالية مشددين على أن "نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي قد فشل"، ويجب "أن نُظهر (للمهاجرين) بأن عبور الحدود غير ممكن".

وقال رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان المعروف بسياسته المعادية للمهاجرين، إن بلاده سجلت حوالي 250 ألف محاولة عبور هذا العام، مؤكدا على أنه "لسنا بحاجة إلى إدارة الهجرة، نحن بحاجة إلى إيقافها". وأضاف "نحن مستعدون للتحرك جنوبا مع مقدونيا الشمالية وبالتالي حماية كل من أوروبا وبلدنا".

ويوجد حاليا في صربيا حوالي 10 آلاف مهاجر، يعيش أغلبهم في ظروف كارثية ضمن تجمعات عشوائية في الغابات أو مخيمات رسمية تفتقر إلى أدنى الحاجيات الأساسية. ويتعرضون لعمليات صد "عنيفة وممنهجة" من قبل حرس الحدود الهنغاري والروماني، بحسب شهادات جمعها فريق مهاجرنيوز تتوافق مع تقارير المنظمات غير الحكومية.



ورغم تحذيرات المنظمات من تدهور الوضع الإنساني في شمال صربيا على الحدود مع هنغاريا ورومانيا، يبدو أن الاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطا متزايدة من أجل تطبيق سياسة مماثلة في الجنوب لمنع المهاجرين من دخول صربيا عبر مقدونيا الشمالية.

رئيس صربيا ألكسندر فوسيتش، أعلن عن تركيب معدات مراقبة عالية التقنية بما في ذلك الكاميرات والطائرات بدون طيار على الحدود مع مقدونيا الشمالية، وتعزز وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس" من تواجدها على تلك الحدود أيضا، حيث بدأت السلطات بتشييد سياج حدودي.

 

للمزيد