بعد اجتماعات أوروبية رفيعة المستوى، توصلت المفوضية الأوروبية إلى "خطة عمل" تهدف بشكل رئيسي إلى الحد من أعداد الوافدين إلى القارة العجوز عبر طريق البلقان. ووضع الاتحاد الأوروبي حزمة شاملة تتجاوز قيمتها 200 مليون يورو لتطبيق الخطة المقسمة إلى خمسة محاور رئيسية.
بعد أن رصدت السلطات الأوروبية حوالي 130 ألف محاولة عبور إلى الاتحاد الأوروبي عبر طريق البلقان، أعلنت المفوضية أمس الإثنين عن عشرين "إجراءا عمليا" ضمن خمسة محاور رئيسية، للحد من أعداد الوافدين إلى أوروبا.
وبعد أسبوعين من توصياتها الهادفة إلى الحد من تدفقات الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، ركزت الخطة الأوروبية الجديدة على دول غرب البلقان التي يمر عبرها المهاجرون قبل الوصول إلى دول مثل هنغاريا والتشيك والنمسا.
وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس" قالت إنها رصدت 130 ألف محاولة عبور من دول غرب البلقان (صربيا ومقدونيا الشمالية والبوسنة) المجاورة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، منذ بداية العام الجاري وحتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهو ما يزيد ثلاث مرات عن الفترة نفسها من العام 2021، الأمر الذي يراه الاتحاد الأوروبي "أزمة" يجب إيجاد حل لها.
تسلط السلطات الأوروبية الضوء على طريقين رئيسين يسلكهما المهاجرون، الأول من خلال اجتياز الحدود برا من تركيا إلى بلغاريا أو عبر الحدود البرية والبحرية المشتركة بين تركيا واليونان. أما الطريق الثاني، هو عبر الوصول بشكل نظامي إلى دول غرب البلقان، مثل صربيا، التي لا تفرض تأشيرات دخول على مواطني بعض الدول التي تعتبر مصدّرة للمهاجرين.

ووضع الاتحاد الأوروبي حزمة شاملة بقيمة 201,7 مليون يورو في مجال الهجرة وإدارة الحدود لغرب البلقان، مع التركيز بشكل خاص على مكافحة التهريب وإدارة الحدود والتعاون القضائي والأمني، إضافة إلى تعزيز القدرات والبنية التحتية الرئيسية في بعض تلك الدول. وأعلنت المفوضية عن استعدادها لزيادة الدعم المالي في عامي 2023 و2024 "للاستجابة للاحتياجات الناشئة في جميع أنحاء المنطقة"، كما ورد في خطة العمل المؤلفة من خمس صفحات.
تقدم المفوضية خطة العمل هذه كمتابعة للمناقشات في المجلس الاستثنائي للعدالة والشؤون الداخلية الذي انعقد في 25 تشرين الثاني/نوفمبر، تزامنا مع قمة الاتحاد الأوروبي لغرب البلقان التي تبدأ اليوم الثلاثاء 6 كانون الأول/ديسمبر.
وفيما تعتبر المفوضية الأوروبية أن اعتماد ميثاق الهجرة واللجوء يظل التحدي الرئيسي للأشهر القادمة، قدمت الخطة التي وضعت فيها "تعزيز إدارة الحدود" ضمن الأولويات، إضافة إلى ضمان إجراءات اللجوء السريعة واتخاذ إجراءات ضد تهريب المهاجرين وتعزيز التعاون بشأن إعادة المهاجرين وجعل سياسات التأشيرات في دول البلقان متوائمة مع السياسة الأوروبية.
1. تعزيز إدارة الحدود
قالت المفوضية إنها عملت على تقديم الدعم والتدريب ونشر مسؤولي الحدود والمعدات في دول غرب البلقان، استنادا إلى الاحتياجات التي حددتها سلطات تلك الدول. كما أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مع ألبانيا والجبل الأسود وصربيا، مما سمح لوكالة "فرونتكس" بنشر عناصرها ضمن دوريات مشتركة في المنطقة.
وأشارت إلى أنها توصلت إلى اتفاقية مماثلة مع مقدونيا الشمالية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ومن المتوقع أن تبدأ العمليات في بداية عام 2023.
وتسعى إلى تعزيز الرقابة على الحدود من خلال توفير معدات المراقبة وتدريب عناصر حرس الحدود، بميزانية تبلغ قيمتها 40 مليون يورو. وستركز على دول مثل الجبل الأسود والبوسنة والهرسك وصربيا وكوسوفو.
وأشارت المفوضية إلى "حاجة تركيا إلى الوفاء بجميع التزاماتها بموجب بيان الاتحاد الأوروبي"، وخصصت 220 مليون يورو لدعم إدارة تركيا لحدودها الشرقية، في خطوة من شأنها أن "تدعم توفير الحماية للنازحين في البلاد ولضمان سبل آمنة وقانونية للهجرة إلى أوروبا من خلال برامج إعادة التوطين".
2. ضمان إجراءات اللجوء السريعة ودعم القدرة على الاستقبال
تسعى السلطات الأوروبية إلى دعم دول غرب البلقان من أجل "تعزيز وتسريع إجراءات اللجوء والتسجيل"، مشيرة إلى أن منشآت الاستقبال تستوعب حاليا حوالي 14 ألف شخص.
وتريد تطبيق خطة في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المجاورين لدول البلقان، أهمها إعداد مشاريع تجريبية في الدول المهتمة بإجراءات اللجوء السريعة بما يتماشى مع المتطلبات الحالية، لا سيما من خلال تطبيق إجراءات الحدود ومفاهيم الدولة الثالثة الآمنة وبلد المنشأ الآمن.
أي أنها عبر تلك الإجراءات، تتيح للسلطات المخولة بدراسة طلبات اللجوء إصدار قرارات سريعة بناء على الدولة التي يتحدر منها طالب اللجوء، ما يزيد من تعقيد حصول الأشخاص على الحماية الدولية.
3. محاربة تهريب المهاجرين
خلال الاجتماع الوزاري للعدل والشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي في غرب البلقان في 3 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أطلقت المفوضية عمليات مشتركة لمكافحة تهريب البشر.
للمزيد>>> عبور صربيا.. "كلما ازداد الطريق صعوبة ازدهر عمل تجار البشر" (3/3)
وتشدد ضمن الخطة الجديدة على "الاستفادة بشكل كامل من فريق اليوروبول (الشرطة الأوروبية) الذي أُنشئ حديثا للتصدي لتهريب المهاجرين على الحدود بين صربيا والمجر والعمل على توسيع فرق العمل مماثلة على الحدود الأخرى".
لكن المنظمات الحقوقية ترى أن سياسة "إغلاق الحدود" التي تنتهجها السلطات الأوروبية تزيد من صعوبة الطريق بشكل يستغله تجار البشر ويجعل اللاجئين أكثر هشاشة وعرضة للوقوع كضحايا لشبكات التهريب.
4. تعزيز التعاون في إعادة القبول والعودة
عُقد اجتماع للجنة المشتركة لإعادة القبول مع صربيا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وستتبعه اجتماعات أخرى، تهدف إلى تعزيز إمكانيات دول غرب البلقان لترحيل مواطني البلدان الثالثة إلى بلدانهم الأصلية.
وقالت المفوضية إن "فرونتكس عززت دعمها من خلال نشر خبراء العودة للمساعدة في عملية العودة بما في ذلك تقديم المشورة والتدريب والدعم للحصول على وثائق السفر". وأطلق مشروع تجريبي جديد مع المنظمة الدولية للهجرة في البوسنة والهرسك مؤخرا.
وهذا "يساهم في سياسة الاتحاد الأوروبي" المتمثلة بتعزيز عمليات إعادة المهاجرين إلى بلدانهم "والتي تظل أولوية رئيسية للاتحاد الأوروبي".
5. تحقيق توافق سياسة التأشيرات
في 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، اعتمدت صربيا قرارا لإعادة فرض تأشيرة دخول على مواطني بوروندي وتونس، بعد الضغوط الأوروبية. ولا تزال هناك دولا أخرى مثل صربيا يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تغيير سياسة تأشيراتها.
وقالت المفوضية إن "صربيا التزمت بالمزيد من التوافق مع قائمة البلدان الثالثة التي يخضع مواطنوها لتأشيرة إقامة قصيرة في الاتحاد الأوروبي"، و"لا يزال التنسيق الإضافي لسياسة تأشيرات تركيا مع الاتحاد الأوروبي مهما أيضا".