صورة توضيحية من الأرشيف. مظاهرات تندد بالاتفاق المبرب بين رواندا والمملكة المتحدة. الحقوق محفوظة.
صورة توضيحية من الأرشيف. مظاهرات تندد بالاتفاق المبرب بين رواندا والمملكة المتحدة. الحقوق محفوظة.

أصدرت المحكمة العليا في لندن اليوم قرارها بشأن اتفاق الحكومة البريطانية مع رواندا بشأن إرسال طالبي اللجوء إليها. قرار المحكمة أثار مزيدا من الجدل كونه جاء لمصلحة الحكومة وأقر بشرعية الاتفاق. منظمات غير حكومية اعتبرت أن القرار سيسمح "للدولة بأن تدير ظهرها لمبدأ أن للجميع حق العيش بحرية وأمان". وفي حين رحبت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان بالحكم، أعلنت الحكومة الرواندية استعدادها لاستقبال طالبي اللجوء مباشرة.

بعد طول انتظار والكثير من الجدل، أفاد القضاء البريطاني اليوم الإثنين 19 كانون الأول\ديسمبر برأيه بشأن خطة الحكومة الآيلة إلى ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى رواندا. القرار جاء لمصلحة الحكومة، موجّها صفعة كبيرة للمنظمات غير الحكومية والمعارضين للاتفاق، والذين وصفوه بغير القانوني واللاإنساني.

وهذا الاتفاق، الذي تم الإعلان عنه في نيسان\أبريل الماضي، سيشمل إرسال بريطانيا عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يصلون إلى شواطئها، على بعد أكثر من ستة آلاف كلم إلى رواندا.

وعقب الإعلان عن القرار، أقر القضاة بأن القضية أثارت الجدل العام، موضحين أن مهمتهم في الإطار هي "التأكد من أن القانون يُفهم ويُراعى بشكل صحيح، وأن الحقوق التي يكفلها البرلمان تُحترم".

وفي ملخص نشر عقب الحكم، قال القضاة "خلصت المحكمة إلى أن ترتيبات الحكومة المتعلقة بإعادة توطين طالبي اللجوء والبت في طلبات لجوئهم في رواندا وليس في المملكة المتحدة قانونية".

وأضافوا "في هذه الظروف، فإن إعادة توطين طالبي اللجوء إلى رواندا يتوافق مع اتفاقية اللاجئين (الأمم المتحدة) ومع الالتزامات القانونية للحكومة، بما في ذلك تلك التي يفرضها قانون حقوق الإنسان لعام 1998".

"نصر" حكومي

ويعتبر قرار المحكمة العليا انتصارا لرئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي تعهّد بوقف تدفقات المهاجرين على سواحل البلاد، والذين بلغوا نحو 45 ألفا منذ مطلع العام الجاري، وهذا رقم قياسي.


وهيمنت الهجرة على الخطاب السياسي البريطاني على مدى السنوات الماضية، وكانت إحدى العناصر الرئيسية التي تضمنها خطاب المعسكر الداعي للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وكان سوناك، عقب توليه منصبه، قد صرّح أنه سيسعى لاستئناف الرحلات الجوية إلى رواندا، على الرغم من معارضة المشرعين في جميع الأحزاب السياسية الرئيسية والأمم المتحدة وحتى الملك تشارلز.

ورحبت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان بالحكم قائلة "لقد أكدنا دائما أن هذه السياسة قانونية واليوم أيدت المحكمة ذلك".

وأشارت برافرمان، المناصرة لمعسكر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في مقابلة نشرت السبت الماضي إلى أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة للاجئين غير مناسبة للتعامل مع الهجرة الحديثة.

وقالت لصحيفة التايمز إن مثل هذه الاتفاقيات تم إبرامها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وأنها "مصممة لعالم لم يكن السفر فيه رخيصا والأعداد أقل بكثير وتدفقات الناس أقل بكثير".


وبعد صدور الحكم، قالت برافرمان إن تركيز الحكومة الآن ينصب على المضي قدماً في سياسة الترحيل في أسرع وقت ممكن، وإنها مستعدة للدفاع ضد أي طعون قانونية أخرى.

من جهتها رحبت رواندا بحكم المحكمة العليا. وصرحت المتحدث باسم حكومتها رواندا يولاند ماكولو لوكالة فرانس برس "نرحب بهذا القرار ونقف على أهبة الاستعداد لتوفير الأمان لطالبي اللجوء والمهاجرين، وفرصة لبناء حياة جديدة في رواندا".

"لحظة مظلمة" في مجال دعم حقوق الإنسان في المملكة

جمعيات ومنظمات إنسانية وغير حكومية أعربت عن "خيبة أملها" من القرار القضائي.

جوزي نوتون، الرئيسة التنفيذية لجمعية "تشوز لوف" (Choose Love) المعنية بمساعدة اللاجئين، اعتبرت الحكم بأنه "لحظة مظلمة في مجال دعم حقوق الإنسان في المملكة المتحدة".

وأضافت أن "الدولة تدير ظهرها لمبدأ أن للجميع الحق في العيش بحرية وأمان".

وستتأثر مجموعات طالبي اللجوء من سوريا والعراق وإيران بشكل أساسي بالحكم القضائي، إضافة إلى منظمات دعم اللاجئين مثل "كار فور كاليه" و"ديتنشن آكشن"، فضلا عن "اتحاد الخدمات العامة والتجارية" المعني بتنفيذ عمليات الإبعاد.


وكان الأمين العام للاتحاد مارك سيروتكا قد اعتبر في أيلول\سبتمبر الماضي أن إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا "ليس فقط غير أخلاقي وغير قانوني، وغير عملي أيضا وفقا لأعضاء الاتحاد".

واعتبر محامو المنظمات غير الحكومية بأن الاتفاق كان غير قانوني نتيجة اعتبار رواندا دولة ثالثة آمنة.

المزيد من العقبات

من جهة أخرى، لن يعني انتصار الحكومة (القرار القضائي) أن الرحلات الجوية ستبدأ بالإقلاع على الفور، لأنه قد يكون هناك المزيد من الاستئنافات في المحاكم البريطانية، كما أن أمر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المفروض منذ الصيف، يمنع أي عمليات ترحيل فورية حتى الانتهاء من الإجراءات القانونية في المملكة المتحدة.

وفقا للاتفاق، سترسل الحكومة البريطانية أي شخص يدخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني ابتداء من الأول من كانون الثاني\يناير إلى رواندا.

وستموّل المملكة المتحدة الصفقة بمبلغ يصل إلى 120 مليون جنيه إسترليني (حوالي 145 مليون يورو)، ويرى المراقبون أنها وسيلة لتعزيز صورة رواندا وصرف القلق بشأن سجلها الحقوقي.

 

للمزيد