استغرقت الرحلة 11 يوما قضاها ثلاثة مهاجرين على دفة هذه السفينة
استغرقت الرحلة 11 يوما قضاها ثلاثة مهاجرين على دفة هذه السفينة

رحلة هجرة من نيجيريا إلى جزر الكناري جلوسا على دفة ناقلة نفط قطعت البحار، ولتكتشف السلطات وصول ثلاثة مهاجرين. الرحلة أثارت الاستغراب والفضول، والتساؤل حول كيفية قضاء هؤلاء المهاجرين وقتهم دون طعام أو ماء لأيام طويلة! وكيف تمكنوا من الوصول جلوسا على دفة السفينة؟ التفاصيل في التقرير التالي:

ألقت السلطات الإسبانية القبض على ثلاثة مهاجرين أفارقة سافروا على دفة سفينة للوصول إلى جزر الكناري. وأوضحت السلطات الإسبانية أنّ الرجال الثلاثة عانوا من أعراض العطش وانخفاض درجة الحرارة، ما استدعى نقلهم إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية.

أحد المهاجرين الثلاثة الذين اختبأوا على دفة ناقلة نفط من نيجيريا إلى جزر الكناري ويدعى هنري أ. تحدث إلى الصحافة الإسبانية عن رحلته وأسباب فراره، وأوضح هنري البالغ من العمر 42 لوكالة الأنباء الإسبانية أنه قادم من منطقة بيافرا في نيجيريا. بعد سنوات من العنف والفقر في منطقته، وقال إنه شعر بأن خياره الوحيد هو الهروب إلى أوروبا من أجل حياة أفضل.

السعي للأمان وحياة أفضل دفع هنري إلى التوسل لصياد في ميناء لاغوس لنقله إلى ناقلة نفط في مرسى قبالة اليابسة، حتى يتمكن من الصعود إليها. حيث كانت السفينة ألثيني 2 متجهة صوب جزر الكناري الاسبانية.

بيد أن هنري أوضح لوكالة الأنباء أنه لم يكن يعرف أين ستتوجه السفينة، ولم يشغله هذا الأمر كثيرا، إذ أن كل ما كان يود فعله هو الهرب من مكان سكناه ومغادرة نيجيريا أملا بحياة أفضل. وقال إن محاولة الهرب هذه كانت الثانية له.

اعتماد الأسرة على هنري

وتحدث هنري أ. عبر مترجم، وأخبر وكالة الأنباء الإسبانية أنه متزوج ولديه ابن واحد وخمسة أشقاء يعتمدون عليه. وبعد فترة وجيزة من العثور عليه والرجلين الآخرين على الدفة تم نقلهم من قبل السلطات الإسبانية إلى المستشفى، حيث أن 11 يوما من السفر على متن ناقلة النفط أثرت على صحة الثلاثة، وقال خفر السواحل في ذلك الوقت إن الرجال عولجوا من الجفاف وانخفاض حرارة الجسم.

وأوضح هنري أن آخر مرة حاول فيها الاختباء على ناقلة نفط كانت في أكتوبر/ تشرين الأول 2020. في ذلك الوقت صعد على دفة ناقلة نرويجية " تشامبيون بولا" مع ثلاثة رجال آخرين. تم اكتشافهم خلال توقف في لاس بالماس في جزر الكناري، وأمرت سلطات الميناء بنقلهم على متن الناقلة بدلا من السماح لهم بالبقاء في إسبانيا. ووفقا لمقال نشره موقع "غارد" الالكتروني في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وصلت السفينة إلى بيرغن بالنرويج، حيث تم إنزال الرجال بعد أن طلبوا اللجوء في النرويج، ولكن تم ترحيل هنري أ. إلى نيجيريا في يناير/كانون الثاني. وفقا لتقارير إعلامية.

الفرار من العنف والجوع والإرهاب

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فر 295 ألف نيجيري إلى الدول المجاورة بسبب أوضاع مماثلة لما ذكرها هنري مثل الجوع الشديد والإرهاب والعنف، فيما نزح مليونا شخص آخر داخل نيجيريا.

وقال هنري "لقد رأيت الناس يموتون" لذلك قررت المغادرة، لأنني أردت البقاء على قيد الحياة" حسب ما جاء في تغريدة لصحيفة ألباييس الإسبانية:

ويؤكد أنه لم يرتكب أي خطأ بهربه، فهو ليس لصا ولم يرتكب أي جرم، كما يقول. وتقدم بطلب إلى إسبانيا للحصول على الحماية الدولية على أساس ظروفه الصعبة التي مر بها.

وأخبر هنري أ. السلطات أنه لا يعرف الرجلين الآخرين اللذين سافرا معه على الدفة ويقول إن الرجلين الأصغر سنا شاهدا ما كان يفعله وقررا الانضمام إليه في رحلته. وعن ظروف سفرهم، قال إنهم كانوا في وضع صعب جدا على الدفة، بحيث لم يستطيعوا الاستلقاء أو الجلوس بشكل مستقيم.

لقد كافحوا من خلال "غريزة البقاء من أجل المحافظة على حياتهم. وبعد وقت قصير من بدء رحلتهم، سقطت حقيبة كانوا يحملونها في البحر. وكان في الحقيبة بعض زجاجات المياه ومطرقة من أجل تنبيه طاقم السفينة إلى وجودهم في حالة الطوارئ.

مع اختفاء الحقيبة، كان هناك القليل جدا من الماء بالنسبة لهم، وبحلول اليوم الثاني، كانت المجموعة تجد بالفعل صعوبة في عدم وجود ماء. وأوضح هنري في مقابلته أنهم حاولوا يطفئوا ظمأهم عبر ترطيب شفاههم فقط بمياه البحر دون شربها بالفعل. فهم كانوا مدركين أن المحتوى العالي من الملح سيجعلهم مرضى، لكن في النهاية كان عليهم شرب بعضها.

وكان لدى المجموعة القليل من الطعام، ولكن كان الخوف من العطش أكبر من الجوع. ويقول هنري "كنا جميعا مرهقين. في اليوم الثاني كنت على وشك الاستسلام. بالنسبة لرفيقاي، كانت هذه هي المرة الأولى التي يسافران فيها بهذه الطريقة ولم يعرفا كيفية البقاء على قيد الحياة".

وبحسب تقرير وكالة الأنباء الاسبانية فإن هنري ورفيقاه لم يكن لديهم أي فكرة حقيقية عن مقدار الوقت الذي يمر أو ما قد يحدث في الخارج، فعبر كوة على الدفة تمسكوا بها كانوا يعلمون أنهم يخاطرون بسقوطهم في الماء لو حاولوا إلقاء نظرة خاطفة، كما أنهم لم يستطيعوا النوم لخشيتهم السقوط وحاولوا البقاء يقظين، كما أن هدير المحركات كان عاليا جدا.

دفعت أعمال العنف والظروف المعيشية الصعبة نحو مليوني نيجيري إلى النزوح داخل البلاد ونحو 300 ألف إلى الدول المجاورة
دفعت أعمال العنف والظروف المعيشية الصعبة نحو مليوني نيجيري إلى النزوح داخل البلاد ونحو 300 ألف إلى الدول المجاورة

 "قضينا اليوم في الصلاة والدعاء"

يوضح هنري أ. أنه خلال أكثر من 250 ساعة، أو 11 يوما قضوها في البحر، كانوا يصلون ويدعون للوصول سالمين. وقال "قضينا اليوم نصلي. لم نكن نعرف إلى أين تتجه السفينة، صلينا فقط لأن تصل وتتوقف". يعتقد هنري أ. أن صلواتهم قد تمت الاستجابة لها وأن الله أنقذهم. ويقول: كنا على وشك الاستسلام. لو واصلت السفينة الإبحار لبضعة أيام أخرى، ما كنا لننجو".

ولكن على الرغم من أنهم وصلوا فقد كان من الصعب عليهم المغادرة، والنزول من على الدفة، ويقولون إنهم حاولوا في البداية الصراخ على السفن المارة، حتى رصدهم أحد عمال الميناء ونبه سلطات الإنقاذ الإسبانية.

طلب الرجال الثلاثة اللجوء في إسبانيا. وفقا لتقرير الوكالة الإسبانية تلقى بعضهم بالفعل وثائق مؤقتة  تمهد لحصولهم على حماية. وفي غضون ستة أشهر، يجب أن يكونوا قادرين على بدء العمل. يقول هنري أ. إنه لا يستطيع الانتظار حتى يصل ذلك اليوم. قبل انتهاء المقابلة الصحفية والمغادرة، ألقى هنري أ. نظرة أخيرة على صورته مع الرجلين الآخرين على دفة السفينة، وقال: أكاد لا أصدق أنني نجوت، هذه الصورة تجعلني أعتقد أن الحياة ليست سهلة. أشكر الله على نجاتي".

ع.أ.ج (EFE)

 

 

للمزيد