أنقذت منظمة "أطباء بلا حدود" خلال اليومين الماضيين حوالي 80 شخصا، فيما اتخذت الحكومة الإيطالية برئاسة اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني إجراءات تقيدية جديدة في الوقت الذي تستمر به رحلات الهجرة عبر البحر المتوسط باتجاه القارة العجوز.
بعد أيام قليلة على صدور مرسوم إيطالي يقيد إلى حد كبير عمل المنظمات الإنسانية، نفذت منظمة "أطباء بلا حدود" عملية إنقاذ أولى مساء الجمعة الماضية ونقلت بعدها عشرات المهاجرين من سفينة شحن تجارية بعدما أذنت لها السلطات الإيطالية بالتدخل.
المنظمة غير الحكومية، وفقا للإجراءات التقييدية الجديدة، لم يعد يحق لها سوى تنفيذ عملية إنقاذ واحدة والتنسيق بشكل فوري مع السلطات الإيطالية للتوجه إلى ميناء تحدده لها روما لإنزال الناجين، على غير ما جرت عليه العادة، إذ كانت تنفذ السفن عمليات عدة متتالية لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المهاجرين الذين يغادرون من سواحل شمال القارة الأفريقية، على متن قوارب خشبية أو مطاطية لا تستطيع الصمود طوال الرحلة لا سيما في الظروف الجوية الصعبة أو عند هبوب رياح قوية.
بموجب القانون الدولي والاتفاقيات البحرية، نحن ملزمون بمساعدة أولئك المعرضين للخطر
في اليوم الأول من العام الجديد، استجابت سفينة "جيو بارنتس" التابعة لمنظمة "أطباء بلا حدود" لنداء استغاثة 41 شخصا كانوا على متن قارب متهالك يبحر في المياه الإقليمية قبالة السواحل الليبية، وتمكنت الطواقم من انتشال جميع ركاب القارب الصغير بأمان، "في ظروف صعبة بينما كان القارب يغرق".
وأكدت المنظمة غير الحكومية على أنها شرعت بمهمة الإنقاذ، بعدما تلقت الضوء الأخضر من مركز تنسيق الإنقاذ البحري الإيطالي.
بعد يوم واحد، أعلنت المنظمة غير الحكومية عن نقل 44 مهاجرا إلى "جيو بارنتس"، كانت أنقذتهم سفينة شحن تجارية. وشددت المنظمة على أنها تدخلت بناء على طلب السلطات الإيطالية. وتتوجه حاليا السفينة التي على متنها 85 ناجيا إلى ميناء تارانتو الذي يستغرق منها يومين من الإبحار.
في اليوم نفسه، وبعد أن تلقت منصة "هاتف الإنذار" نداء استغاثة من قارب مهاجرين، شرعت السلطات الإيطالية إلى تنفيذ عملية الإنقاذ، لكن المنصة غير الحكومية كانت نشرت سلسلة تغريدات تتضمن موقع القارب المتهالك الذي كان يبحر جنوب جزيرة لامبيدوزا الإيطالية وانتقدت تأخر السلطات بالتحرك لتنفيذ عملية الإنقاذ.
وكانت أشارت سفينة "جيو بارنتس" إلى أنها لو وجدت القارب أثناء إبحارها وقالت "قمنا بالإنقاذ دون إذن، يمكن لإيطاليا أن تقول نظريا أننا انتهكنا القانون الجديد. "لكن بموجب القانون الدولي والاتفاقيات البحرية، نحن ملزمون بمساعدة أولئك المعرضين للخطر".
تستمر رحلات الهجرة عبر وسط البحر المتوسط باتجاه القارة العجوز وتستمر معها الحوادث المأساوية التي أزهقت أرواح أكثر من 1,300 شخص خلال العام 2022، حسب أرقام المنظمة الدولية للهجرة.
مدونة سلوك جديدة
في تشرين الأول/أكتوبر 2022، تسلّمت جورجيا ميلوني، مهام رئيسة حكومة إيطاليا الأكثر يمينية منذ عام 1946، وتشدد اليمينية المتطرفة على خطتها بالحد من أعداد الوافدين.
صادق مجلس الوزراء الإيطالي يوم الأربعاء الماضي 28 كانون الثاني/ديسمبر 2022، على مدونة سلوك جديدة للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال إنقاذ المهاجرين في البحر.
وشملت المدونة عقوبات تصل إلى حد مصادرة السفن التي لا تلتزم بالقواعد الجديدة أثناء تنفيذ مهمات الإنقاذ في البحر.
وتفرض على سفن المنظمات الإنسانية تنفيذ مهمة إنقاذ واحدة، وإبلاغ السلطات على الفور وطلب ميناء آمن والرسو فيه "دون تأخير"، بدلا من البقاء في البحر لمساعدة القوارب الأخرى المعرضة للخطر كما هو الحال حاليا. إذ غالبا ما تنفذ الطواقم مهمات إنقاذ متتالية لقوارب عدة تحمل كل منها عشرات الأشخاص.
في حال عدم الامتثال للوائح الجديدة، يواجه القبطان غرامات مالية تصل إلى 50 ألف يورو، وفي حال تكرر انتهاك هذه القواعد يمكن للسلطات أن تصادر السفينة.
وسيتعين على المنظمات سؤال المهاجرين الموجودين على متن السفينة عما إذا كانوا يريدون طلب الحماية الدولية، حتى يتسنى للدولة التي ترفع علم السفينة تحمل المسؤولية.
ومن المفترض أن يدرس المرسوم في البرلمان خلال 60 يوما، ليصبح قانونا، وذلك يعني أنه خلال هذه الفترة يمكن أن يخضع لتغييرات.