وصل أكثر من نصف ضحايا العبودية الحديثة إلى المملكة المتحدة عبر قوارب الهجرة من ألبانيا في النصف الأول من عام 2022،، حسب إحصائيات وتقارير نشرها مركز أبحاث Migration Watch.
في بيان صحفي، نُشر منتصف شهر يناير/كانون الثاني، ذكر مركز أبحاث Migration Watch UK أنه وفقًا لأرقام وزارة الداخلية البريطانية، فقد كان "أكثر من نصف حالات العبودية الحديثة في صفوف المهاجرين الذين يعبرون القناة عبر قوارب نحو المملكة المتحدة".
وتقول المنظمة إن هذا الرقم "يزيد بخمس مرات عن ثاني أكبر مجموعة في ترتيب المهاجرين ، وهم الإريتريين، الذين تقدموا للمملكة المتحدة بطلبات لجوء على أساس أنهم ضحايا العبودية الحديثة".
رئيس منظمة Migration Watch UK البريطانية غير الحكومية، اللورد جرين أوف ديدينجتون، السفير البريطاني السابق في المملكة العربية السعودية، كتب في رسالة له "الهم الأساسي للمنظمة هو المستوى الهائل من الاندماج في صفوف القادمين، سيزداد عدد سكان المملكة المتحدة بمقدار 10 ملايين في 25 عامًا المقبلة".
المطالبة بهجرة مستدامة!
حسب المنظمة، إذا حدثت هذه الزيادة السكانية، فإن 82 بالمئة من العشرة ملايين سكان الإضافيين سيكون من المهاجرين الوافدين وأطفالهم. وتضيف المنظمة أنه على الرغم من أن الهجرة "جزء طبيعي من اقتصاد ومجتمع مفتوحين، إلا أنها يجب أن تكون مستدامة ويجب أن تحظى بموافقة البريطانيين".وتؤكد المنظمة أنها مصرة "على جعل الحقائق حول الهجرة معروفة لدى عموم المواطنين قدر الإمكان، ومستمرة في تقديم اقتراحات حول كيفية الحد من الهجرة".

وفقًا للمنظمة، في النصف الأول من عام 2022، "تم النظر في 59 بالمئة من إجمالي طلبات اللجوء بسبب العبودية للعام السابق. وكان السجل السابق لمعظم الطلبات لجنسية واحدة هو 74 بالمئة، تتعلق بالإيرانيين خلال 2019. ومع ذلك ، فإن عدد طلبات اللجوء الألبانية لذات السبب في عام 2022 هو خمسة أضعاف الإجمالي الإيراني منذ عام 2019".
أعضاء في حكومة المحافظين البريطانية الحالية، اعتبروا أن بعض طلبات اللجوء الألبانية على الأقل، إن لم يكن جلها، قد تكون مزيفة وأن العصابات تدرب بعض المهاجرين على الادعاء بأنهم تعرضوا لسوء المعاملة وتم استعبادهم وكانوا ضحايا لشكل من أشكال العبودية الحديثة.
هل هي فعلا ادعاءات كاذبة؟
تقول منظمة Migrant Watch UK إن أقل من نصف (22 إلى 45 بالمئة) من طلبات اللجوء لأسباب العبودية تتلقى في النهاية رداً إيجابيًا من السلطات". وقد بدأت أعداد الذين يعبرون القناة من أوروبا باتجاه المملكة المتحدة في الزيادة منذ عام 2018. خلال العام ذاته، استخدم 12 شخصًا سبب العبودية لطلب اللجوء. بينما في عام 2019، كان هذا العدد 159 فقط. وفي عام 2020، ارتفع العدد إلى 1176. وصارت الأعداد دائما أكثر من 1000 طلب لذات السبب في السنوات اللاحقة، بما في ذلك النصف الأول من عام 2022.
لكن مقارنة بالأعداد الإجمالية لمن يعبرون القناة، فإن أعداد طالبي اللجوء بسبب قوانين العبودية الحديثة تبقى قليلة نسبيًا. ففي عام 2020، تقول منظمة Migration Watch إن نسبة هذه الطلبات تمثل 13.9 بالمئة من مجموع طلبات اللجوء لكل من عبروا القناة نحو المملكة المتحدة، وانخفضت إلى 6.8 بالمئة في عام 2021، وفي النصف الأول من عام 2022 إلى غاية شهر يونيو/حزيران قدرت بـ 9.1 بالمئة. بشكل عام، منذ عام 2018، بلغ عدد الذين قدموا هذا النوع من طلبات اللجوء بعد عبور القناة 8.6 بالمئة من إجمالي الوافدين.
وقد اختلفت جنسيات أصحاب طلبات اللجوء على أساس أنهم ضحايا العبودية الحديثة اختلافًا طفيفًا على مر السنين. في عام 2019، تصدرت إيران اللائحة بنسبة 74.2 بالمئة. وفي عام 2020، كانت غالبية هذه الطلبات من مواطنين سودانيين (31.7 بالمئة من الإجمالي). في عام 2021، كان أكبر عدد من الطلبات من المواطنين الفيتناميين (24.6 بالمئة). وفي النصف الأول من عام 2022، كانت أكثر من نصف الطلبات من مواطنين ألبان (51 بالمئة).
طلبات غير مقبولة!
نشرت Migration Watch UK أيضًا جدولاً يوضح فيه عدد هذا النوع من الطلبات التي تم تقديمها. وفقًا لبياناتهم، تم الحكم لصالح خمسة طلبات فقط في عام 2018. في عام 2019 ارتفع هذا الرقم إلى 51 ، وارتفع مرة أخرى في عام 2020 إلى 123، وفي عام 2021، انخفض الرقم إلى 73 وفي النصف الأول من عام 2022 بلغ 38.
ألب محمد، رئيس منظمة مراقبة الهجرة والسفير السابق في أيسلندا، قال في تصريح لصحيفة إندبندنت إنه يعتقد أن "الألبان والمتاجرين بهم قد وجدوا ثغرة كبيرة في تشريعاتنا ويستغلونها إلى أقصى حد". وقال إن هذا يضيف "ضغطا كبيرا على النظام المثقل أصلا".
أما مارك ديفيز عن مجلس اللاجئين، فاعتبر إن هذه التشكيكات التي تتقدم بها منظمة مراقبة الهجرة "خطيرة" لأنها تستند إلى افتراض أن "جميع الألبان يلفقون حالة العبودية الحديثة فقط في ملفاتهم".
افتراضات "خطيرة"
وذكرت صحيفة إندبندنت أن ديفيز قال أيضا إن أي شخص يتقدم بطلبات لجوء يجب أن "يحصل على تقييم عادل". وقال ديفيز إن "وضع الأشخاص من ألبانيا العابرين للقناة معقد، إذ نعلم من عملنا أن الاتجار والاستغلال يمثلان مشكلة للكثيرين من هذا البلد".
في 12 يناير / كانون الثاني، قالت وزارة الداخلية إنها رحلت 43 ألبانيا على متن رحلة جوية. وأفادت صحيفة "إندبندنت" أن حوالي 27 من المرحلين أدينوا بجرائم "من بينها الاتجار بالمخدرات والسطو والاحتيال والسرقة". وقالت وزارة الداخلية لصحيفة إندبندنت إن ستة من تلك المجموعة على الأقل "وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر القناة".
تعمل حكومة المحافظين في بريطانيا على صفقات مع نظيرتها الألبانية. في ديسمبر/كانون الأول 2022، قال رئيس الوزراء ريشي سوناك إن حكومته تأمل في ترحيل آلاف الألبان وستسعى لتشديد القوانين المتعلقة بالعبودية الحديثة.
وفي تصريح لصحيفة إندبندنت، قال وزير الهجرة روبرت جينريك "إننا نعمل على مدار الساعة لإعادة المهاجرين الذين ليس لديهم الحق في التواجد هنا. وهذا جزء مهم من خطتنا للحفاظ على سلامة المجتمعات واستعادة زمام الأمور فيما يخص نظام اللجوء والهجرة". في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، قُدر نسبة الألبان بين كل المهاجرين الذين عبروا القناة إلى بريطانيا.
ومن المشاكل التي تواجه حكومة المملكة المتحدة في الوقت الحالي وهي أن نسبة كبيرة من طلبات اللجوء لا تزال معلقة وأن الحكومة تواجه تراكمًا كبيرًا في معالجة الطلبات قبل أن تتمكن من ترحيل أي شخص.
تراكم كبير!
في عام 2022، كان هناك أكثر من 143 ألف طالب لجوء ينتظرون قرارًا بشأن طلبات لجوئهم، وكان ما يقرب من 100 ألف شخص ينتظرون ردا لأكثر من ستة أشهر.
تعتبر حكومة المملكة المتحدة والكثير من الدول الأوروبية أن ألبانيا "دولة أوروبية آمنة" رغم ذلك تشير بعض الإحصائيات إلى أن ثلث مواطنيها على الأقل يعيشون تحت خط الفقر.

وفقًا للدكتور آندي خوجشاج، أستاذ القانون بجامعة كوليدج لندن، فإن ألبانيا لديها معدل بطالة بين الشباب يقدر بنحو 60 بالمئة. وذكرت صحيفة الإندبندنت أن البلاد تعاني من مشاكل الثأر والفساد وعنف العصابات.
ويعتقد الدكتور خوجشاج أن "الأسباب الأساسية التي تدفع المواطنين لمغادرة ألبانيا" هي الافتقار إلى الفرص الاقتصادية. كما يعتقد المتحدث أن الاتفاقية الجديدة التي قدمها ريشي سوناك يمكن أن تكون ناجحة لأنها عرضت الاستثمار في "النمو الاقتصادي والاستثمار بالإضافة إلى الفرص للشباب والتعليم، وهما مجالان يعالجان بطريقة ما بعض الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ألبانيا بلدًا آمنًا أم لا ، أجاب الدكتور خوجشاج أنه على الرغم من أن معظم دول الاتحاد الأوروبي تعتبر ألبانيا بلدًا "آمنًا" ، إلا أنه يعتبر أن هناك الكثير من القضايا الأساسية التي تجعله غير آمن خاصة عندما يتعلق الأمر بالفئات الهشة في المجتمع.
إيما واليس/ م.ب