عبدو كريم، طالب لجوء من سيراليون يبلغ 26 عاماً، وصل إلى اليونان في 09 كانون الأول/ديسمبر الماضي. فقد الشاب ابنة أخيه أثناء رحلة الهجرة في بحر إيجة، حيث سقطت الرضيعة في الماء ولم يتمكنوا من إنقاذها. قابله فريق مهاجر نيوز بينما كان يجلس وحيداً في مخيم "مافروفوني"، قبل أن يتم نقله إلى البر اليوناني.
"خرجتُ من سيراليون في 13 آب/أغسطس الماضي. كانت أول مرة أغادر بلدي، وذلك لأنني شاركت في تنظيم الإضراب العام الذي حدث في البلاد عقب الانتخابات في الشهر ذاته، ولاحقتني السلطات واعتقلت أصدقائي. لم يكن أمامي أي خيار سوى الهرب.
كنت أعيش في العاصمة فريتاون، وتفاجأت بزوجة أخي (مريمة) عندما اتصلت بي وقالت إنها تريد أن تأتي معي إلى أوروبا، لأن ابنة أخي زينب التي كانت تبلغ تسعة أشهر، كانت تعاني من مشاكل مزمنة في القلب، واحتاجت إلى رعاية طبية غير متوفرة في سيراليون.
بقينا في غينيا 10 أيام عند أحد أصدقائي في الحزب، ثم انتقلنا بين حدود عدة دول لا أستطيع تحديدها، إلى أن ركبنا طائرة متوجهة إلى تركيا، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر.
للمزيد >>>> "أنا لست مهرباً.. كل أحلامي تحطمت" مهاجرون يقبعون في السجون اليونانية
"تعرضنا للاحتجاز في تركيا.. كانت فترة سيئة جداً"
لم تكن تجربتنا في تركيا جيدة أبداً. تم القبض علينا لأننا لا نملك إقامة، ونقلونا إلى مركز للشرطة وسألونا بعض الأسئلة، ثم نقلونا إلى سجن للمهاجرين وكان مركزا للترحيل. بعد بضعة أيام، طلبونا لمقابلة صغيرة. شرحتُ وضع زينب وأخبرتهم بكل شيء، وناشدتهم أن يتركونا بسبب صحتها، لكنهم رفضوا وأعطانا المدير أسبوعا لمغادرة تركيا، وقال لنا 'إذا كنتم لا تزالون هنا بعد أسبوع، سنعتقلكم وسنفعل بكم أشياء لن تحبونها".
في السجن التركي قابلت صديقاً من الصومال، شرحت له قصتي وأخبرني أنه سيساعدني. كان على وشك الذهاب إلى اليونان وقال إنه سينصحني كيف أذهب إلى هناك. بما أن الرعاية الصحية في تركيا مستحيلة لزينب، قررنا الذهاب إلى اليونان.
للمزيد >>>> مفوضية اللاجئين في ليسبوس: "الوضع أفضل من الأعوام السابقة وندفع باتجاه دمج المهاجرين في المجتمع"
"كانت أول مرة أركب قارباً في حياتي ولا أعرف السباحة.. سقطت زينب ولم أستطع فعل أي شيء"
في ليلة 08 كانون الأول/ديسمبر، صعدنا على متن قارب مطاطي، كنا 43 شخصاً من عدة جنسيات، وكانت أول مرة في حياتي أركب قارب. بعد ست أو سبع ساعات، وصلنا إلى اليونان (المياه اليونانية). كنا نبحث عن مكان ليقف فيه القارب حتى نتمكن جميعا من النزول، لكن الأمواج كانت عالية في ذلك اليوم، وعملية نزولنا على الشاطئ كانت سيئة جداً.
تمكنت من القفز على بعض الصخور، وعندما التفت لأساعد زوجة أخي، وجدتها تصرخ بأن زينب سقطت، حاولنا إيجادها لكن دون جدوى، فأنا لا أجيد السباحة، كان ذلك الساعة السادسة والنصف أو السابعة صباحاً. بعد أيام قالوا لنا بأنهم عثروا على جثة، وأجروا فحص الحمض النووي، وتأكدوا من أنها زينب.
شعوري في تلك اللحظة؟ لا أعتقد أنني أستطيع وصفه، كان شيئاً فظيعاً جداً.
مريمة (25 عاماً) هي الشخص الوحيد الذي أعرفه هنا، نتحدث كل يوم، ولا تزال تعيش في صدمة كبيرة. تأخرتْ في إجراءات طلب اللجوء بسبب ذلك، وأجرت مقابلتها في 25 كانون الثاني/يناير، ولا تزال تنتظر الرد.
عندما اتصلت بأخي لأخبره، كان مصدوماً جداً، ثم انهار بالبكاء.
للمزيد >>>> العثور على جثة طفل في حالة تحلل متقدمة قبالة سواحل جزيرة ليسبوس اليونانية
"كل ما أريده هو راحة البال، أجلس وحيداً وأسمع الموسيقى على أمل الهروب من الأفكار السلبية"
قبل أيام قليلة في مقبرة في ميتيليني، دُفنت زينب. وشهد عملية الدفن بعض أفراد منظمة "يورو ريليف" و"أطباء بلا حدود"، وكانت هناك أزهار وصور.
كانت زينب طفلة كثيرة الضحك واللعب، بوجه ممتلئ وعيون واسعة، لكن بالنسبة لي، أحاول تقبّل حقيقة أن ما خسرناه لن يعود. أريد أن أفعل كل ما باستطاعتي لمساعدة مريمة على تخطي ما حدث، لتكمل حياتها بشكل طبيعي.
أجريتُ مقابلة طلب اللجوء في ليسبوس، ثم نُقلت إلى مخيم "أغاي إليني" في مدينة لوانينا (في البر الرئيسي اليوناني) وأنتظر الرد على طلب اللجوء. الظروف هنا جيدة، نعيش في منازل كل سبعة أشخاص في غرفة واحدة. شخصياً، كل ما أريده هو راحة البال، أجلس وحيداً وأسمع الموسيقى على أمل الهروب من الأفكار السلبية.
أريد فرصة لحياة آمنة، لذا سأبقى هنا في اليونان. إنها بلاد مسالمة ومجتمعها طيب، عندما كنت أذهب لمدينة "ميتيليني" (التي تبعد 20 دقيقة مشياً عن مخيم مافروفوني) كان الناس يعاملونني بلطف. وعندما كنت أجلس في الحديقة العامة، كان يأتي الناس ليتحدثوا معي، لم أتلق معاملة مشابهة في الدول التي مررت عبرها خلال رحلة الهجرة".