في 21 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وصل محمد وإسراء إلى جزيرة ليسبوس اليونانية قادمين من إزمير التركية. ومنذ ذلك الحين، يعيش الزوجان السودانيان في مخيم مافروفوني بانتظار قرار السلطات بشأن طلبات لجوئهم. فريق مهاجر نيوز زار المهاجران في وحدتهما السكنية في المخيم، واستمع إلى قصتهما.
بابتسامة عريضة ووجه بشوش، رحّب محمد وإسراء سنيك وهما طالبا لجوء سودانيان، بفريق مهاجر نيوز في وحدتهما السكنية في مخيم مافروفوني في جزيرة ليسبوس اليونانية، وشرعا برواية قصتهما. فعلى الرغم من أن الزوجين خرجا من بلادهما لأسباب مختلفة، إلا أن القدر جمعهما في منزل مهرب المهاجرين في إزمير التركية ليتشاركا تجربة الهجرة، وليحلما معاً بحياة مستقرة في أوروبا.

تقول إسراء (22 عاماً) "التقينا في بداية أيلول/سبتمبر الماضي في منزل المهربين في إزمير التركية. كنا ننتظر إشارة المهرب للتوجه إلى الشاطئ وعبور البحر. وخلال فترة الانتظار لاحظ محمد (25 عاماً) أنني أتعرض لمضايقات من قبل مهاجرين آخرين، فتدخل عدة مرات لحمايتي، وهكذا بدأت علاقتنا.
للمزيد >>>> "ابنة أخي الرضيعة سقطت في الماء وغرقت.. لم أستطع فعل أي شيء"
في 28 أيلول/سبتمبر طلب يدي ووافقت، وبعد ذلك بأسبوع، توجهنا إلى المسجد في إزمير وتزوجنا زواجاً إسلامياً، بحضور شاهدين كانا متواجدين في المسجد.
كانت لحظة سعيدة جدا، اشترينا خاتمين بـ200 ليرة تركية (10 يورو)، ثم أكلنا البوظة وقدّم لي محمد وردة بـ10 ليرات (0.5 يورو). شعرت كأنني سأطير من السعادة".

"الموت في البحر أهون من العودة إلى السودان ومن الاحتجاز لدى قوات الدعم السريع"
بقي الزوجان في منزل المهرب مدة شهر تقريباً رفقة نحو 100 مهاجر آخرين. يصف محمد هذه الفترة قائلاً "كانت أياماً صعبة جداً، لم يقدموا لنا أي طعام أو شراب، وكنا منقسمين إلى مجموعات تعيش في غرف. كنا نشعر بالخوف الشديد من أن يتم إلقاء القبض علينا، شخصياً كنت خائفاً من ترحيلي إلى السودان. كنا نغادر من منزل المهربين فقط لشراء الطعام".
في 21 تشرين الأول/أكتوبر عبر الزوجان بحر إيجة على متن قارب مطاطي رفقة 45 شخصاً آخرين، في رحلة كلفتهم 1200 دولار (1113 يورو) للشخص الواحد، واستمرت نحو أربع ساعات.
يقول محمد "تعطل المحرك بعد نحو ثلاث ساعات، وبعد عدة محاولات تمكن السائق (وهو سوداني) من إعادة تشغيله. كان المهاجرون من السودان وفلسطين وأثيوبيا، ووصلنا جميعاً بسلام. لكن بمجرد وصولنا، انفصلنا إلى مجموعات حتى لا تعتقلنا السلطات اليونانية وتعيدنا إلى المياه (عمليات الإعادة القسرية)، واتفقنا ألا نعترف من كان يقود القارب حتى لا تتم محاكمته".
وأضاف الشاب "بمجرد عثور طواقم أطباء بلا حدود علينا، شعرنا بالأمان، ذلك بعد ساعات من عبور البحر والهرب بين الأشجار على الجزيرة حتى لا تعتقلنا الشرطة اليونانية. كنا نعلم أن الرحلة خطيرة، لكن الموت في البحر أهون من العودة إلى السودان والاعتقال لدى قوات الدعم السريع"، مشيراً إلى أنه لا يتواصل مع أمه وأختيه المتواجدات في السودان، خوفاً عليهن من الميليشيات التي تلاحقه.
للمزيد >>>> مفوضية اللاجئين في ليسبوس: "الوضع أفضل من الأعوام السابقة وندفع باتجاه دمج المهاجرين في المجتمع"
أسباب مختلفة للخروج من السودان
خرج محمد من السودان بعد أن تم اتهامه وعمه بدعم الحركات المسلحة في البلاد، وهي اتهامات ينفيها الشاب. يقول "كنت أعمل في صناعة أحجار البناء في ضواحي الخرطوم، ولا علاقة لي بالسياسة، لكنهم بدأوا بملاحقتي أنا وعمي. وبعد وفاته العام الماضي، قررت الهجرة بحثاً عن حياة آمنة".
أما إسراء، فقد فقدت والديها عام 2003 بعد أن اقتحمت قوات الدعم السريع قريتها لبوس (غرب) وأحرقتها. تقول "كان عمري ثلاث سنوات، وبمجرد هجوم المليشيات علينا، أخذتني خالتي وهربت معها. رأيت الميليشيات وهي تحرق القرية، وكانت تلك آخر مرة رأيت والداي اللذين كانا ضحايا للتطهير العرقي (يتحدرون من قبائل الفور)".
وتابعت "عشت في بيت خالتي طيلة حياتي، لكنني كنت أعاني من العنف من قبل زوج خالتي، إلى أن قررت الهجرة بمساعدة أحد أصدقاء العائلة".

قُبل طلب لجوء محمد، فيما لا تزال إسراء تنتظر قرار السلطات. وفي إجابة عن سؤال حول مستقبلهما، تبتسم إسراء قبل أن تقول "لدينا الكثير من الأحلام المؤجلة، فعلى سبيل المثال، أجّلنا شهر عسلنا إلى أن نستقر في اليونان، ونتمنى أن نقضيه في جزيرة سانتوريني اليونانية. كما نتمنى أن نفتح شركة عقارات خاصة بنا في المستقبل".
وأضاف محمد "حياتنا معاً مليئة بالسعادة والدفء، كل ما نتمناه الآن هو أن نحصل على إقامات وأن نخرج من المخيم لنبدأ حياتا طبيعية ومستقرة معاً".