وصل محمد نجيب سيد أحمد إلى مدينة غوسلار بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية عام 2014 كلاجئ سوري. درس نجيب الصيدلة في حلب ويعمل الآن صيدلياً في المدينة الألمانية. يقوم بجمع التبرعات بالتعاون مع سكان غوسلار لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا.
كلما اتصل أحدهم بمحمد نجيب هذه الأيام للحديث عن كارثة الزلزال في تركيا وسوريا، لا يسمع سوى الصمت على الجانب الآخر.
تعتري الحيرة الشاب السوري بسبب الأحداث المأساوية التي تجري في وطنه. وصل نجيب إلى غوسلار عام 2014 كلاجئ حرب.
عمل الشاب البالغ من العمر 37 عامًا، والذي درس الصيدلة في جامعة حلب وحصل على رخصة مزاولة المهنة عام 2017 بألمانيا، بجهد حتى أصبح الآن صاحب صيدليتين.
تنحدر عائلة نجيب من حلب، ويعيش العديد من أقاربه في بلدة سلقين الصغيرة، على بعد حوالي 80 كيلومترًا في منطقة إدلب في شمال غرب سوريا، والتي تضررت بشكل خاص من الزلزال.
يقول نجيب : "عانينا من الحرب والفقر والوباء والآن هذا الزلزال الرهيب - وضع الناس هناك قاسٍ للغاية".
أفلت والديه في حلب من مواقف صعبة للغاية في أوقات سابقة في سوريا. لكنهم اليوم يتعرضون لتبعات الزلزال العنيف الذي ضرب الشمال السوري وجعل الأرض تهتز بعنف لنصف دقيقة. يقول الشاب السوري وهو يتفس الصعداء: "المنزل ما زال قائماً".
يقول نجيب إن أحد الأصدقاء والذي يعمل صيدلانياً أيضاً فقد عائلته بأكملها. قتل والده ووالدته وزوجته وأطفالهما الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وثلاث سنوات .. يقول بحزن شديد: "لقد ماتوا جميعًا".
يقول الشاب السوري: "لدينا مجموعة عائلية على تطبيق واتساب WhatsApp. نستقبل باستمرار رسائل تفيد بأن شخصًا ما قد أصيب أو مات. إنه أمر مؤلم حقًا".
لا يرغب الشاب السوري في شيء الآن أكثر من السفر إلى وطنه والاطمئنان على عائلته. يريد أن يحتضن والديه وأن يساعدهما ويدعمهما.
ومع معرفته الصيدلانية والطبية، ستكون هناك حاجة إليه. لكنه لا يستطيع العودة إلى سوريا التي غادرها عام 2013.
قبل ذلك بعامين، عندما اندلعت الحرب الأهلية في سوريا، كان عليه أن يؤدي خدمته العسكرية لمدة عامين. عندها علم أنه يجب أن يغادر سوريا حتى لا يشارك في الحرب
يؤكد نجيب أنه لم يكن ليصبح جنديًا طواعية على أي حال: "كنت أعلم أن الخدمة العسكرية لن تكون كافية وأنه سيتعين علي الذهاب إلى الحرب. كان علي الذهاب إلى الحرب."
"قصة نجاح أشبه بقصة مصورة"
فر نجيب من سوريا عبر الحدود القريبة إلى تركيا. انضم إلى برنامج الاستقبال الإنساني للاجئين السوريين (HAP) في ألمانيا. لاحقاً تقدم بطلب للجوء وحالفه الحظ وتمت الموافقة عليه.
"في عام 2014، اتصلت بي السفارة الألمانية في تركيا، وقالوا إنني سأحصل على تأشيرة، كنت أبكي من السعادة". طار أحمد من اسطنبول إلى هانوفر ثم تابع طريقه إلى غوسلار بالقطار. وما أعقب ذلك هو قصة الاندماج والنجاح التي حققها وهي بالنسبة له أشبه بـ"قصة مصورة من كتاب مصور".
وبفضل مساعدة تلقاها من سكان المدينة، وجد نجيب قدميه بسرعة في مدينة التراث العالمي في جبال هارتس. تعلم اللغة الألمانية، واجتاز امتحان الترخيص الألماني، ويعمل الآن في وظيفة أحلامه كصيدلاني. وعثر على منزل صغير بجوار عمله.
بدأ الشاب السوري حملة لجمع التبرعات من سكان المدينة الألمانية من مواطنين ألمان وسوريين وأتراك، شملت أموالاً وبطانيات وضمادات وأدوية وملابس.
يتحدث نجيب بسعادة قائلاً إن الأصل وبلد المنشأ لا يلعبان هنا دوراً في الاستعداد لتقديم المساعدة: "الأمر ببساطة يتعلق بالإنسانية".
يريد نجيب إيصال التبرعات إلى منطقة إدلب في أسرع وقت ممكن خاصة وأنها تقع في منطقة يسيطر عليها معارضون لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي منطقة لم تصلها بعد أي فرق إنقاذ أو إمدادات مساعدات.
يقول نجيب: "من المؤكد أن دمشق لا تساعد الناس في شمال سوريا .. هي بالتأكيد لا تساعدهم. بالنسبة للحكومة هم إرهابيون".
ع.ح./ (إي بي دي)