سحبت الدنمارك مؤخراً تصاريح الإقامة للعديد من اللاجئين السوريين بعد أن أعلنت أنبعض مناطق  البلاد صارت آمنة
سحبت الدنمارك مؤخراً تصاريح الإقامة للعديد من اللاجئين السوريين بعد أن أعلنت أنبعض مناطق البلاد صارت آمنة

أعلنت سلطات الهجرة الدنماركية منطقتين جديدتين من المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري على أنها "آمنة" لعودة اللاجئين إليها. لكن المنظمات الحقوقية اعتبرت أن هذه طريقة جديدة للتضييق على اللاجئين السوريين.

اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية أن إعلان سلطات الهجرة الدنماركية منطقتين جديدتين من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا منطقة "آمنة" للعودة بالنسبة للاجئين، يمكن أن يكون له عواقب إنسانية وخيمة على المواطنين السوريين المتواجدين في الدنمارك.

وفي تصريحها لمهاجر نيوز، قالت نادية هاردمان، باحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش إنه "خلال الأسبوع الماضي، أعلنت دائرة الهجرة الدنماركية أن الوضع في طرطوس واللاذقية قد تحسن، مما يشير إلى أن اللاجئين السوريين القادمين من هذه المناطق قد يفقدون الحماية المؤقتة في الدنمارك ويجبرون على العودة إلى ديارهم".

مسؤول: الوضع الأمني يتغير في سوريا!

تقرير إخباري لموقع إخباري دنماركي "بيرلينجسكي"، نقل عن نائب مدير دائرة الهجرة الدنماركية، هنريك توماسن، قوله الذي يفيد أن "الوضع الأمني في سوريا يختلف من منطقة إلى أخرى". واعتبر توماسن أنه "في الوقت الحالي، فإن تقييمنا يفيد بأن الوضع في اللاذقية وطرطوس، بشكل عام، لا يمكن أن يكون سببا لمنح الأشخاص القادمين من هناك حق اللجوء".

في العام الماضي، سلبت الدنمارك 94 لاجئًا سوريًا تصاريح إقامتهم بعد إعلان أن دمشق والمنطقة المحيطة بها كمناطق آمنة. وقد كانت الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقرر أنه يمكن إعادة اللاجئين إلى سوريا.

وكان من المقرر أن يتم البث في التماسات طلب إلغاء الحماية المؤقتة لشخصين سوريين من اللاذقية أمام المجلس الدنماركي للاجئين يوم 17 مارس / آذار الجاري. وتخشى هيومن رايتس ووتش أن يتماشى قرار المجلس مع قرار دائرة الهجرة بإلغاء الحماية، فقد يشكل ذلك سابقة خطيرة حيث يمكن أن تلغى إقامات الكثير من السوريين التي حصلوا عليها بناءا على حق اللجوء.

اللاجئة السورية أفين عيسى - واحدة من عشرات اللاجئين السوريين المهددين بالترحيل من الدنمارك - خلال مشاركتها في احتجاج في كوبنهاغن في 21 أبريل / نيسان 2021
اللاجئة السورية أفين عيسى - واحدة من عشرات اللاجئين السوريين المهددين بالترحيل من الدنمارك - خلال مشاركتها في احتجاج في كوبنهاغن في 21 أبريل / نيسان 2021


خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، ألغى مجلس اللاجئين 54 حالة من أصل 76 تم البث فيها فيما يتعلق بتصاريح الإقامة للسوريين من دمشق والمنطقة المحيطة بها. وفقًا لـ هيومن رايتس ووتش، هذه إشارة على أن مجلس اللاجئين يمكنه منح تصاريح الإقامة على الرغم من قرارات دائرة الهجرة الدنماركية.

في العام الماضي، أفادت المفوضية الأوروبية أن عدد طالبي اللجوء الجدد الذين وصلوا إلى الدنمارك انخفض إلى أدنى مستوى، وذلك نتيجة للسياسات الوطنية الصارمة للغاية وإجراءات مراقبة الحدود المشددة في جميع أنحاء أوروبا. وقد احتلت الدنمارك المرتبة 20 في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد طالبي اللجوء.

حقوقيون: لا توجد منطقة آمنة في سوريا! 

صحيح أن بعض المناطق السورية لم تشهد صراعات مسلحة منذ عام 2018، لكن منظمات حقوق الإنسان، ولجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، بالإضافة إلى تقارير إعلامية مختلفة، أثبتت استمرار الاعتقالات التعسفية والاحتجاز والتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري، و عمليات الإعدام في هذه المناطق.

خلال العام الماضي أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً قالت فيه إن ضباط المخابرات السورية جعلوا النساء والأطفال والرجال العائدين إلى سوريا ضحايا للاحتجاز غير القانوني أو التعسفي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الاغتصاب والعنف الجنسي والاختفاء القسري.

وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها حول الموضوع إنه "لا يوجد جزء من سوريا آمن للعودة إليه، بما في ذلك دمشق ونواحيها، والأشخاص الذين غادروا سوريا منذ بداية الصراع معرضون لخطر حقيقي عند عودتهم".

فرق الإنقاذ خلال محاولاتها انتشال الناجين من تحت الأنقاض بعد زلزال ضرب كل من سوريا وتركيا
فرق الإنقاذ خلال محاولاتها انتشال الناجين من تحت الأنقاض بعد زلزال ضرب كل من سوريا وتركيا


وأصدرت هيومن رايتس ووتش تقريرها في 72 صفحة ويحمل عنوان "حياتنا مثل الموت" ويتحدث عن تفاصيل عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن ونتائجها.

في ذلك التقرير، أكد لاجئون سوريون عادوا إلى سوريا بين 2017 و 2021 من لبنان والأردن لهيومن رايتس ووتش أنهم كانوا ضحايا انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاد على يد الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها.

توثيق حالات الاعتقال والتعذيب والقتل!

من بين 65 شخصًا قابلتهم هيومن رايتس ووتش، وثقت المنظمة 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي و13 حالة تعذيب وثلاث عمليات اختطاف وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء و 17 حالة اختفاء قسري وحالة عنف جنسي. بالإضافة إلى ذلك، كان على العائدين أن يعانوا من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية للحياة في بلد دمره الصراع الداخلي.

وقد تفاقمت هذه الظروف بسبب الزلزال الذي ضرب كلا من تركيا وسوريا، والذي بلغت قوته 7.8 درجة الشهر الماضي. وقد اعتبرت الباحثة ضمن مؤسسة هيومن رايتس ووتش نادية هاردمان أن "العيش بكرامة لا يعني فقط أن تكون في مأمن من الاضطهاد، بل يعني أيضًا التوفر على الخدمات الأساسية".

وحول موضوع تصاريح إقامة السوريين بالدانمارك، فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه منذ عام 2019، قامت السلطات الدنماركية بإعادة تقييم وضع اللجوء المؤقت لأكثر من 1200 شخص بعد أن منحتهم تصاريح الإقامة.

كما تم إلغاء إقامات أكثر من 100 سوري حتى الآن في البلد، مما يجعل بقائهم في الدنمارك أمرًا غير قانوني. البعض منهم يقبع في مراكز الترحيل في جميع أنحاء البلاد منذ ذلك الحين، إذ لا تستطيع الحكومة الدنماركية ترحيلهم لأنها لا تقيم علاقات دبلوماسية مع سوريا.

وحسب الحقوقية هاردمان فـ "مراكز الترحيل البعيدة هذه هي أماكن يتعرض القابعون فيها من لاجئين للنسيان". معتبرة أنها مجرد طريقة أخرى للحكومة الدنماركية لجعل اللاجئين يشعرون بأنهم غير مرحب بهم".

آنا سانتوس/ م.ب

 

للمزيد