صورة أرشيفية لمظاهرة لاجئين سوريين في كوبنهاغن الدنمارك
صورة أرشيفية لمظاهرة لاجئين سوريين في كوبنهاغن الدنمارك

انضمت اللاذقية إلى دمشق ضمن قائمة المناطق الآمنة في سوريا حسبما أكد قرار السلطات الدنماركية. والهدف من توسيع رقعة الأماكن الآمنة هو إعادة اللاجئين السوريين. ما أثار قلق مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وسبق للدنمارك أن اعتبرت دمشق أيضا آمنة وألغت إقامات بعض اللاجئين السوريين.

تتجه الدنمارك إلى توسيع المناطق الآمنة لتبرير منع إقامة آلاف اللاجئين السوريين على أراضيها. وبعدما تبنت اعتبار العاصمة دمشق وريفها من المناطق الآمنة بقصد إعادة اللاجئين من الذين منحتهم إقامات مؤقتة منذ 2015 إليهما، تعمل على زيادة جغرافيّة المناطق الآمنة لتشمل اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري.

رسمياً، أعلن مجلس اللجوء (يضم قضاة وخبراء يتولون تقييم طلبات اللاجئين في البلاد) أن تقييمه للوضع الأمني في الساحل السوري أصبح آمناً، وبالتالي اعتماد دائرة الهجرة الدنماركية سياسة تجميد لجوء السوريين القادمين من اللاذقية وطرطوس، على غرار لاجئي دمشق وريفها.

ويرى التصنيف الجديد أنه "لا تعتبر حياة كل شخص، لمجرد وجوده في محافظة اللاذقية، معرضة للخطر، أو لخطر إساءة المعاملة المهينة". أمرٌ تراه منظمة العفو الدولية انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتضيف أن إعلان تغير الوضع "ليس سوى حجج قد تحرم السوريين القادمين من اللاذقية وطرطوس من حق الإقامة". وتحذّر من السياسة الجديدة هذه قائلة إن "الوقائع على الأرض، كما وثقناها مع غيرنا، لا تفيد أبداً بأن العائدين يعيشون بأمان. ولا تزال أسباب فرار هؤلاء السوريين قائمة في مناطق سيطرة النظام التي هرب منها هؤلاء في المقام الأول".

إعلان الدنمارك عن "مناطق آمنة" في سوريا يهدد سلامة اللاجئين فيها!

ويقول مدير السياسة والتوثيق في منظمة العفو الدولية، مارتن ليمبرغ بيدرسن، إنه لا يمكن القبول بالتفسير الذي يعتبر اللاذقية آمنة، و"لا حتى بقية سورية آمنة بما فيه الكفاية لإعادة اللاجئين إليها". ويشدد على أن "لا شيء أصلاً تغير منذ قدوم اللاجئين من طرطوس واللاذقية، فالنظام كان مسيطراً على المنطقتين ولا يزال".

 ويضاف الموقف الجديد إلى مواقف سابقة اعتبرت لاجئي دمشق وريفها مقيمين بصفة مؤقتة، تُجدّد إقاماتهم سنوياً أو كل ثلاث سنوات على أمل إعادتهم إلى وطنهم.

وعلى الرغم من الانتقادات الداخلية والأوروبية، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، المحذرة من فرض سياسة ترحيل قسري بحق لاجئي سورية، فإن كوبنهاغن لم تتراجع إلا في بعض الحالات الفردية التي أثبت أصحابها أمام محاكم الاستئناف مخاوف من تعرضهم للاعتقال والتعذيب.

وتجميد الإقامة يعني أنه بعد سنوات من الاندماج والدراسة والعمل، يحال المئات إلى قوائم الترحيل بصفة "مقيمين غير شرعيين"، ما يؤدي إلى إلغاء عقود التوظيف مع أولئك الذين يصبحون بلا إقامة قانونية.

اعتبر مجلس طعون اللاجئين الدنماركي يوم الجمعة (17 مارس/ آذار 2023) أن عودة اللاجئين السوريين إلى محافظة اللاذقية في غرب البلاد آمنة، مما أثار مخاوف لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وحين تقرر دائرة الهجرة الدنماركية سحب تصريح إقامة اللاجئ يتم تحويل القضية تلقائيا إلى مجلس طعون اللاجئين، وهو أعلى سلطة في قضايا اللجوء في الدنمارك للنظر فيها.

ومحافظة اللاذقية على ساحل البحر المتوسط وتخضع لسيطرة حكومة الرئيس بشار الأسد ولم تشهد القدر نفسه من القتال مثل محافظات وسط وشرق البلاد.

وقال مجلس طعون اللاجئين الدنماركي في بيان إن تحسن الوضع الأمني في المحافظة جعل عودة اللاجئين آمنة. ومنذ عام 2019، ألغت الدنمارك تصاريح إقامة 150 سوريا من دمشق والمنطقة المحيطة بها من بين أكثر من 1300 حالة تمت مراجعتها، وفقا لدائرة خدمة الهجرة.

من جانبها وصفت متحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قرار الدنمارك بأنه "مثير للقلق"، وقالت إن المفوضية لا تعتبر تحسن الوضع الأمني في سوريا كافيا بدرجة "تبرر إنهاء الحماية الدولية لأي مجموعة من اللاجئين".

وفي عام 2021، انتقد مشرعون أوروبيون الدنمارك لمحاولتها إعادة اللاجئين إلى دمشق بعد أن اعتبرت السلطات الدنماركية أن الظروف في العاصمة قد تحسنت.

 إعادة تقييم طلبات اللجوء!

والتوجه الرسمي الجديد يعني عملياً أن السوريين الذين قدموا إلى الدنمارك في ظل أزمة اللجوء عام 2015 سيخضعون إلى إعادة تقييم طلبات اللجوء، كما تطلق السلطات رسمياً على قرارها بتوسيع المناطق الآمنة. وهذا يعني أن نحو 4 آلاف و700 سوري وفلسطيني سوري قدموا من العاصمة السورية دمشق وريفها مصنفون على قوائم التقييم.

 

وبالفعل، صدرت قرارات بسحب لجوء عدد من اللاجئين، وغادرت عائلات كثيرة نحو دول أوروبية أخرى كألمانيا وهولندا خشية شمولها بالقرارات. وسينضم آلاف آخرون من منطقتي اللاذقية وطرطوس إلى خانة إعادة التقييم (نحو 30 ألفاً من سورية). وانتقد بعض المشرعين اليساريين هذا التوجه الجديد لحكومة ائتلاف يسار ويمين الوسط برئاسة ميتا فريدركسن.

وتؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على لسان المتحدثة باسمها في كوبنهاغن، إليزابيث هاسلوند، أنها "لا تعتبر أن تحسّن الوضع الأمني ​​في بعض أجزاء سورية أساسي أو مستقر أو دائم لتبرير سحب حماية اللاجئين للسوريين".

 

وتُفيد مديرة اللجوء في مجلس اللاجئين الدنماركي، إيفا ستينغر، بأنّه على عكس تقييم سلطات كوبنهاغن للأوضاع في سورية، "يُظهر المزيد من التقارير خطر تعرض اللاجئين والمهجرين لمعاملة تعسفية، وهذا ينطبق على اعتداءات النظام عليهم في اللاذقية وطرطوس".

 

يُشار إلى أنه على الرغم من اعتبار سلطات الهجرة في كوبنهاغن أن دمشق وريفها، وحالياً اللاذقية وطرطوس، مناطق آمنة، إلّا أنّها لم تتمكن من إعادة أي لاجئ إلى سورية لأسباب تقنية، عدا عن انقطاع العلاقات مع النظام السوري. لكنها نجحت في تحويل حياة هؤلاء مؤقتة في البلاد، ما يحرمهم من متابعة أعمالهم ودراستهم. 

وقال ماتياس تسفاي، وزير الهجرة الدنماركي، لرويترز حينذاك "أوضحنا للاجئين السوريين أن تصريح إقامتهم مؤقت وأن التصريح قد يلغى إذا انتفت الحاجة للحماية".

وقالت منظمة العفو الدولية إن الدنمارك والمجر هما الدولتان الوحيدتان في الاتحاد الأوروبي اللتان ألغتا تصاريح إقامة للاجئين سوريين. ويتم نقل هؤلاء اللاجئين في الدنمارك إلى مراكز العودةأو يغادرون البلاد طواعية.

وتقول منظمات حقوقية إن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يلاحق معارضيه بلا رحمة ولا هوادة.

د.ص (د ب أ، رويترز، وكالات)

 

للمزيد