مقهى يولو في اسطنبول يربط بين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في أكبر مدينة في تركيا / حقوق الصورة  Photo: Filippo Cicciu
مقهى يولو في اسطنبول يربط بين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في أكبر مدينة في تركيا / حقوق الصورة Photo: Filippo Cicciu

أصبح مقهى "يولو آرت"، الذي أسسته لاجئة سورية بالتعاون مع زوجها، بمثابة مركز ثقافي لأفراد الجالية السورية في مدينة إسطنبول، رغم القلق الذي يعيشه السوريون الناجم عن تعرضهم لهجمات عنصرية. وينظم المقهى أنشطة فنية واجتماعية وثقافية باللغة العربية للاجئين المقيمين في المدينة التركية.

"ليس من السهل أن تكون سوريا في تركيا"، هكذا قالت بيان (34 عاما)، التي تعيش في إسطنبول منذ نحو عشر سنوات، بعدما فرت من مدينتها حلب.

وعندما لجأت الشابة السورية إلى تركيا، بعد فرارها من الصراع، لم تعترف أنقرة بشهادتها في الهندسة المعمارية، لذلك عملت في وكالات إعلانية. وقبل سبعة أشهر قامت بتأسيس مقهى "يولو" مع زوجها. وقالت بيان، إن المقهى "من الأماكن القليلة في إسطنبول التي تنظم أنشطة فنية واجتماعية وثقافية باللغة العربية".

تركيا تستضيف 4 ملايين لاجئ سوري

ومنذ بداية الحرب في سوريا، استضافت تركيا حوالي أربعة ملايين لاجئ رسميا، يعيش أكثر من نصف مليون منهم في إسطنبول. لكن وفقا لبيان، يمكن أن يصل العدد إلى مليون سوري في المدينة في الوقت الحالي، وهناك عدد قليل فقط من الأماكن التي تقدم فعاليات ترفيهية وثقافية باللغة العربية.

وأضافت بيان، بينما كانت تشرب كوبا من الشاي على إحدى طاولات المقهى، أثناء تشغيل أغنية باللغة العربية في الخلفية، أن "ما دفعنا لفتح "يولو" هو الحاجة إلى مكان للاجتماع، فالمقهى "يمنح الفرصة لإيجاد الحافز، والمجيء إلى هنا يعني كسر الروتين اليومي للاجئين، الذين يتنقلون فقط من المنزل إلى العمل، دون أن يكون لديهم مكان للالتقاء، باستثناء المطاعم التي أسسها اللاجئون الذين يقدمون المأكولات الشرق أوسطية".

ومعظم زبائن "يولو" في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، وهم ليسوا سوريين فحسب، بل أيضا أوروبيون وأمريكيون وبعض السكان المحليين. وإلى جانب غرفة مع طاولات، حيث يتم تقديم القهوة والشاي، يستضيف المكان أيضا حفلات موسيقية مع الموسيقى التجريبية والتقليدية والكاريوكي والمختبرات الفنية والعروض الكوميدية باللغة العربية.

ويقع مقهى "يولو"، المكون من طابقين، ويكسو جدرانه اللون البرتقالي، وسط المباني ذات الواجهات الأكثر رصانة وغرف الشاي للزبائن المسنين على ضفاف نهر الخليج الذهبي.

الهجمات ضد المقهى تعكس عداء السكان المحليين للاجئين

صاحبة فكرة المقهى أوضحت، أن "الجزء الصعب هو العلاقة مع الأتراك وجيراننا، فلم يكن الأمر سهلا منذ افتتاح المقهى، ولا يزال الوضع معقدا، وخلال السنوات القليلة الماضية تعرض العديد من المطاعم والمتاجر التي يديرها اللاجئون السوريون لهجمات عنيفة من قبل الأتراك".

وأردفت "لم نسمع فقط تعليقات عدوانية ضدنا، بل تعرض المقهى لهجوم من قبل الجيران ثلاث مرات على الأقل، وتعرض بعض الأشخاص للاعتداء الجسدي أو التهديد بالسكاكين، دون سبب حقيقي، وجاءت تلك الهجمات بعد أن سمع عدد قليل من الأتراك شخصا يتحدث بالعربية خارج المقهى، ربما عندما خرج لتدخين سيجارة".

وتابعت الشابة السورية أنه "في أوقات أخرى، اتصل الجيران بالشرطة زاعمين أنهم انزعجوا من الضوضاء لكن عندما جاء الضباط أخبرونا بوضوح أن الهجمات والمكالمات كانت ببساطة بسبب أننا سوريون".

هدفنا هو خلق مكان للقاء شامل للجميع، بغض النظر عن الاختلافات

وأعربت بيان، عن قلقها الشديد إزاء هذا الوضع، وفي نفس الوقت عن اعتزازها بالنجاح على الأقل من حيث المشاركة، وبما حققه المقهى في غضون أشهر قليلة منذ افتتاحه.

>>>> للمزيد: معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا: سوريون يعودون إلى بلادهم أمواتا

وقال مجد، وهو مهندس سوري مغربي يعمل في "يولو"، إن الهجمات ضد المقهى تستند إلى شعور بالإحباط منتشر بشكل خاص بين السكان الأتراك ضد اللاجئين والمهاجرين، في سياق اقتصادي صعب، مع تضخم يزيد عن 50%، يتعارض في نفس الوقت مع سبب إنشاء المقهى.

وأشار إلى أن "هدفنا هو خلق مكان للقاء شامل للجميع، بغض النظر عن الاختلافات العرقية واللغوية والدينية والتوجه الجنسي".

وختم الشاب تصريحاته قائلا بمرارة إن "علينا أن نخفي هويتنا عندما نسير في الشارع، وإذا فهم أحد أنك سوري فإن الجحيم ينفجر". 

 

للمزيد