مهمات إنقاذ وإنزال مهاجرين بأمان، وعنف ممنهج موجه ضد سفن الإنقاذ التي تساعد المهاجرين في البحر. أحداث شهدها المتوسط نهاية الأسبوع الماضي.
”لا يمكنكم إطلاق النار علينا، لايمكنكم إطلاق النار علينا، سنغادر المياه الآن“ هكذا رد طاقم سفينة الإنقاذ "أوشن فايكينغ" التابعة لمنظمة ”إس أو إس ميديتيرانية“ بعد اقتراب مركب خفر السواحل الليبي من السفينة، وتهديدهم المباشر لها، وإطلاق أعيرة نارية في الهواء وصوبها.
للمزيد>>> مأساة قارب كالابريا: 86 مهاجرا قضى غرقا ونحو 15 في عداد المفقودين
كانت "أوشن فايكينغ" تلقت يوم السبت 25 آذار/مارس، نداء استغاثة عبر الخط الساخن لمنظمة ”هاتف الإنذار"، أفاد بوجود مهاجرين في محنة قبالة السواحل الليبية. توجهت السفينة فورا إلى مكان وجود القارب، وكان على متنه نحو 80 مهاجرا. لم يمض وقت طويل قبل أن يدخل مركب "656" التابع لخفر السواحل الليبي المشهد. اقترب المركب من سفينة الإنقاذ على نحو خطر، حاول طاقم السفينة التواصل مع خفر السواحل الليبي إذ لا يمكنهم الاقتراب على ذلك النحو. لم يتلق الطاقم إجابة، ولكن تصرفات عنيفة وعدائية وأعيرة نارية بدأ خفر السواحل يطلقها في الهواء من دون توقف، دافعا "أوشن فايكينغ" وطاقمها إلى الانسحاب الفوري من نقطة الإنقاذ.
وبينما يحصل كل ذلك، كانت طائرة "سي بيرد اثنان" التابعة لمنظمة "سي ووتش" تراقب من أعلى، موثقة ما حدث.
أعاد خفر السواحل الليبي المهاجرين إلى ليبيا، التي كانوا يحاولون الفرار منها. ولم يعلق على الواقعة حتى بعد انتشار المقطع المصوّر، بينما أكد المتحدث الرسمي باسم مسؤول السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، اليوم 27 آذار/مارس، "سنطلب توضيحا حول ما حدث، ولم حدث وكيف سيتابع الأمر".
وأضاف أن السؤال هو ما إذا كان مركب خفر السواحل الليبي المتورط في الحادث يمول بمساعدة من الاتحاد الأوروبي أم لا، مؤكدا أن "إنقاذ الأرواح يأتي أولاً، وحقوق المهاجرين تأتي أولاً"، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وذكر المسؤول حادث مشابه الصيف الماضي، أدى إلى طرد قبطان سفينة خفر السواحل، بعد أن هددت قوات المركب المهاجرين بالأسلحة.
احتجاز سفينة "لويز ميشيل"
تعد تلك الحادثة واحدة من سلسلة تصرفات عدائية ينتهجها خفر السواحل الليبي بحق المهاجرين وسفن الإنقاذ، لوقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. ويستمر خفر السواحل المدرب والممول من قبل الاتحاد الأوروبي بتلك الممارسات، بما يتماشى مع سياسات حكومات أوروبية تحاول منع المهاجرين من دخول أراضيها، ولاسيما إيطاليا التي احتجزت سلطاتها سفينة الإنقاذ "لويز ميشيل"، التي يمولها الفنان البريطاني بانكسي، يوم الجمعة 24 آذار/مارس، عقب إنقاذ 180 شخصا في ثلاث مهمات مختلفة، قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا.
وأوضح طاقم السفينة، وفق موقع "فاينانشل تايمز" بعدم وجود أي وثيقة مكتوبة تبرر احتجاز السفينة، مشيرا "نعلم بوجود عشرات القوارب في محنة أمام الجزيرة في هذه اللحظة، مع ذلك لا يمكننا تقديم المساعدة…هذا غير مقبول“. لكنه ربما أمر مقبول بالنسبة إلى حكومة جورجيا ميلوني، التي وضعت قوانين تحد من عمل سفن الإنقاذ التابعة لمنظمات إنسانية، وتبرر احتجاز السفن ومنها لويز ميشيل، بعد أسابيع من حادث غرق 90 شخصا، بينهم أطفال، فروا من أفغانستان وباكستان وإيران قبالة سواحل جنوب إيطاليا.
وصول جيو بارنتس إلى جنوب إيطاليا
إلى جانب ذلك، نزل في ميناء باري جنوب إيطاليا 190 مهاجرا بينهم نحو عشرة قاصرين، معظمهم من بنغلاديش، كانت أنقذتهم سفينة ”جيو بارنتس“ التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، وقبل الإنقاذ كانت ساعدت سفينة "لويز ميشيل" في توازن القارب ووزعت سترات نجاة على المهاجرين، وفق منظمة "هاتف الإنذار".
وكانت السلطات الإيطالية احتجزت أيضا "جيو بارنتس" مدة 20 يوما قبل السماح لها بمغادرة ميناء أنكونا والعودة إلى البحر.
وعلى الرغم من محاولات إبعاد السفن والسياسات المناهضة للهجرة، بلغت أعداد الوافدين على السواحل الإيطالية في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 أكثر من 20 ألف مهاجر، مقابل نحو 6 آلاف و500 في الفترة نفسها العام الماضي. ووصل أكثر من 3300 مهاجر إلى إيطاليا على متن 58 قاربا في عطلة نهاية الأسبوع، وفق السلطات الإيطالية يوم الأحد 26 آذار/مارس، في حين قضى 26 مهاجرا قبالة السواحل التونسية، كانوا في طريقهم إلى إيطاليا.
للمزيد>>> إنقاذ مئات المهاجرين في ثلاث عمليات قبالة سواحل إيطاليا
ويعد المتوسط من أخطر طرق الهجرة وفق المنظمة الدولية للهجرة، وقتل أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في المتوسط منذ عام 2014.